أتت إلى عيادة القلب سيدة حامل في الأربعين من عمرها مع زوجها وهي مريضة بالضغط والسكري والسمنة المفرطة وآلام الظهر بسبب الانزلاق الغضروفي في الفقرات القطنية ولديها ارتجاع بسيط في الصمام المترالي وتم تحويلها من عيادة الحوامل بسؤال واضح: هل هناك سبب طبي من ناحية القلب يستدعي الإجهاض الطبي للجنين؟ وعند الاستماع إلى المريضة وزوجها اتضح أنها اكتشفت حملها في الأسبوع السابع وتريد التخلص من هذا الحمل، مع أنها لم تستخدم أي موانع للحمل؟! ويؤيدها في ذلك التوجه زوجها بكل صراحة ووجهة نظريهما في ذلك أنهما قد رزقهما الله بتسعة من الأبناء والبنات وصحتها في الوقت الحالي لاتتحمل الحمل والمعاناة لمدة تسعة أشهر قادمة سواء من ناحية القيام بأعباء المنزل مع الحمل أو الاهتمام بأبنائها وبناتها أو القيام بحق زوجها أو الاهتمام بصحتها ومراجعة المستشفيات، وكذلك منع تدهور حالتها الصحية من ناحية آلام الظهر.. وقد ذكرت أيضاً أنها نفسيًا غير مستعدة على الإطلاق لهذا الحمل لا هي ولا زوجها وتريد من طبيب القلب تقييم حالة القلب إذا كان يستطيع مكابدة التسعة أشهر القادمة أم لا؟ وبعد فحصها وتصوير عضلة القلب وإجراء التحاليل اللازمة اتضح أنه من الناحية القلبية والارتجاع البسيط في الصمام المترالي فهي تستطيع الحمل وإكماله.. ورغم إلحاح المريضة وزوجها على طلبهما إلا أن طبيب القلب كان موقفه واضحاً: (رداً على تساؤل طبيبة النساء والولادة فليس هناك سبب مرضي من ناحية القلب يستدعي الإجهاض الطبي الشرعي القانوني للجنين) وبعد ذلك بأربعة أيام أدخلت نفس المريضة إلى العناية المركزة بفقدان للوعي وتجمع للسوائل في الرئتين ونزيف من المهبل وتسمم بكتيري في الدم وإسقاط غير مكتمل للجنين حيث إنها ذهبت إلى إحدى المعالجات الشعبيات ووضعت لها خلطة من أعشاب ومواد معينة في عنق الرحم لحدوث الإجهاض.. وكادت تلك الأم ان تفقد حياتها لولا رحمة الله بها وبأبنائها وزوجها. وبسبب عدة حالات مماثلة مرت علينا حديثاً في العيادة فلابد أن نبسط الحديث في نقاط مهمة تتعلق بهذه المسألة. أولاً: قرار الحمل من عدمه هو قرار أولاً وأخيراً بيد الزوجين ولكل إنسان اعتباراته في الحياة مهما كانت الظروف المحيطة به، ولكن النصيحة الطبية لمريضات القلب اللواتي لا تسمح ظروفهن الصحية ولا النفسية بالحمل هي أن يستخدمن موانع الحمل بأنواعها المختلفة كل على حسب حالته وبشرط أن يكون ذلك تحت إشراف طبي متخصص من طبيبي القلب والنساء والولادة سواء كان ذلك العارض المرضي مؤقتاً أو دائماً.. فقد يصيب الضرر الجنين أو يتعدى إلى الأم الحامل.. ولا تترك مثل تلك الأمور للصدفة.. وفي كل الأحوال فالله غالب على أمره.. ولأن يبذل الزوجان كل الجهد في تفادي الحمل والتأكد من فاعلية تلك الطريقة أهون كثيراً من أن تقع في مأزق محاولة الأجهاض بعد سن الأربعين يوماً وإشكالياته الطبية والدينية.. حيث إن الوقاية في مثل هذه الأمر لاتقدر بثمن. ثانياً: إذا حملت المرأة وثبت طبياً حدوث الضرر على حياه الأم فإنه يجوز إسقاط الجنين حفاظاً على حياتها- فتوى مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة - في أي وقت أثناء الحمل أما إذا كان الضرر متعلقاً بالجنين فقط وتعدى الحمل الأربعين يوماً فلا يجوز إسقاط الجنين نهائياً بعد نفخ الروح فيه إلا إذا قرر عدد من الأطباء المختصين أن هناك خطورة كبيرة واقعة أو على وشك الوقوع وليست منتظرة - من استمرار الحمل على المرأة الحامل والجنين أحدهما أو كليهما.. ويبذل كل الجهد في الحفاظ على الأم أولاً ثم الجنين ثانياً لأن الأم هي الأصل وحياتها متأكدة أما الجنين فهو الفرع وحياته ظنية. ثالثاً: هناك أمراض معينة في القلب تنصح فيها المرأة بعدم الحمل وهي محدودة جداً وفي كل حالة منها يوجد طيف من شدة المرض حيث تقيم كل حالة بصورة دورية.. وكل ضرورة تقدر بقدرها.. ومن تلك الحالات: ارتفاع الضغط الشرياني الرئوي الشديد وبالذات النوع الأولي: فهناك نوعان من ارتفاع الضغط الشرياني أولهما هو الضغط الشرياني الطرفي وهو المقصود عامة عند الناس عندما يطلق مسمى مرض الضغط الشرياني ويستطيع المريض قياسه بأجهزة الضغط بأنواعها المختلفة أما الضغط الشرياني الرئوي فهو ارتفاع الضغط داخل شرايين الرئتين، ولا يمكن للمريض قياسه وإنما يقاس بطرق معينة معروفة عند الأطباء منها الأشعة الصوتية للقلب ومنها قياس الضغط الرئوي بقسطرة القلب فشل القلب من المرحلة الرابعة: بسبب ضعف شديد في البطين الأيسر والمشكلة في الحمل أن حجم الدم يزداد بنسبة 50 % وتزداد نبضات القلب وهذا يسبب زيادة العبء على عضلة القلب فإذا كانت العضلة ضعيفة جداً فإن ذلك يسبب تجمع السوائل في الرئتين وضيق التنفس والفشل الرئوي وبالتالي عدم القدرة على النوم أو الكلام أو الحركة أو حتى القيام بمجهود بسيط مثل الأكل. تضيق شديد في الصمام الأورطي مع فشل القلب من لديهن زراعة للقلب ويستخدمن أدوية مثبطة للمناعة -من لديهن ضعف سابق في عضلة القلب بسبب الحمل نفسه وتدهورت حالتها إلى المرحلة الرابعة من ضعف عضلة القلب: هناك نوع معين من فشل عضلة القلب يحصل بسبب الحمل نفسه (وهو نادر جدا) وله شروط معينة لتشخيصه وهؤلاء النسوة ينصحن بتجنب الحمل مستقبلا ً. المريضات المصابات بمتلازمة مارفان وهو مرض يأتي بشكل طول غير متناسب في الاطراف مع اختلال في عدسة العين وفي الحمل في المريضات المصابات بهذا المرض يكن عرضة لفتق في بطانة الشريان الاورطي مما يؤدي الى مضاعقات خطيرة للأم الحامل وجنينها . * كذلك يجب أن تعلم المريضة أن عملية الإجهاض ليست من دون مضاعفات محتملة للأم الحامل بعضها قد يكون خطيرًا خصوصاً مثل النزيف والالتهابات وتمزق الرحم. فالنساء اللاتي في سن الحمل والولادة وطبياً لايستطعن الحمل بتوصية طبيب متخصص لخطورة ذلك على صحتهن أولاً وعلى مايحملنه ثانياً يجب عليهن أن يناقشن مع أزواجهن ومع طبيب القلب وطبيبة النساء والولادة الخيارات المتاحة لهن، ويكون كلا الزوجين على بيّنة من أمره عند اتخاذ أي قرار بهذا الشأن. نصائح لمريضات القلب قبل الحمل فششل القلب ارتفاع الضغط الشرياني الرئوي