في بداية العام 2017 بدأت الشركات المساهمة السعودية في التحول إلى معايير المحاسبة الدولية حسب القرار الذي أصدرته هيئة المحاسبين السعوديين، وقرار هيئة السوق المالية، وقد تم اعتماد كافة المعايير الدولية للإفصاح، ووجد هذا التحول ترحيبا من المستثمرين سواء في المملكة أو خارجها، كونه يعتمد أفضل معايير الإفصاح والحوكمة المطبقة في كبرى الاقتصاديات في العالم، ويساهم في سهولة المقارنة أمام المستثمرين في بورصات متعددة بين شركاتنا وشركات أخرى مدرجة في أسواق عالمية، لكن هيئة السوق المالية أجلت تطبيق بند اعتماد القيمة العادلة أو إعادة تقييم الأصول في إعلان لها مدة ثلاث سنوات، ثم ومع اقتراب انتهاء هذه السنوات، وقبيل بدء العام الحالي 2020 والذي كان متوقعا البدء في اعتماده، أعلنت هيئة السوق المالية عن تأجيل تطبيقه إلى العام 2022، دون ذكر الأسباب التي دعت إلى هذا التأخير. في ظل غياب توضيح رسمي، هناك من يعتقد أن سبب تأخير تطبيق هذا البند يعود إلى احتمال الارتفاع الكبير في حقوق المساهمين ومن ثم ارتفاع القيمة الدفترية لبعض الشركات لا سيما في القطاع العقاري والقطاع الزراعي، إضافة إلى عدد من الشركات في قطاعات مختلفة نتيجة تملك أراضٍ وعقارات منذ فترة طويلة قد تزيد على 20 عاما، حيث تم تسجيل كلفتها بأسعار متدنية حسب سعر شرائها في ذلك الوقت مقارنة بالأسعار الحالية، وبمرور الزمن ارتفعت أسعار العقارات في مختلف أنحاء المملكة خلال العشرين عاما الماضية، وبعضها ارتفع بشكل كبير في المناطق الحيوية لا سيما في المدن الرئيسة. إن تأخير اعتماد تطبيق القيمة العادلة وإعادة تقييم الأصول للشركات لخمس سنوات يمثل خيبة أمل للعديد من الشركات وملاكها، لا سيما أن بعض مجالس الإدارات كانت قد بشرت مساهميها في الجمعيات العمومية بارتفاع حقوق المساهمين، ومن ثم تقلص الخسائر أو شطبها بالكامل عند البدء في تطبيق القيمة العادلة وإعادة التقييم للأصول بدلا من اللجوء إلى عملية تخفيض رؤوس الأموال. وهناك من يعتقد أن سبب التأجيل يعود إلى حداثة قطاع التقييم العقاري في المملكة، إلا أن القطاع موجود منذ فترة طويلة، وبالتأكيد فقد وصل إلى مرحلة النضج، وله مرجعه المتمثل في الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين. إن المتابع لمعايير الإفصاح والحوكمة المعتمدة منذ العام 2017 سيلحظ أن المعايير الدولية طبقت على الشركات باستثناء بند أو معيار اعتماد القيمة العادلة، ومن هذه المعايير المطبقة ما أدى إلى تسجيل خسائر كبيرة للعديد من الشركات، فهل من العدل تطبيق المعايير التي تؤدي إلى تسجيل خسائر للشركات وانخفاض في حقوق المساهمين في حين لا يطبق البند الذي من المحتمل أن يرفع حقوق المساهمين لبعض الشركات، وأيا كان السبب أو المبرر فمن المفترض تطبيق كافة المعايير الدولية باعتبارها تمثل أفضل ممارسات الإفصاح والشفافية والحوكمة المطبقة في العالم، ولتظهر القوائم المالية للشركات أكثر عدالة وشفافية، خصوصا أن هذا التطبيق لن يؤدي إلى تغير في التدفقات النقدية للشركات بالسلب أو الإيجاب.