أعتقد أن موضوع مجالس الشركات من الموضوعات المهمة التي تستحق الكثير من الكتابة والمناقشة، ليس في جانبها النظامي والقانوني حيث إن ذلك محكوم بأنظمة ولوائح وزارة التجارة وهيئة السوق المالية، ولكن في جانبها الإداري وقدرة هذه المجالس على قيادة شركاتها وتمكينها من الوصول إلى أهدافها وتحقيق تطلعات، ليس فقط مساهميها وإنما كافة الأطراف العاملة والمتعاملة معها. أقول ذلك نتيجة متابعة لما لعبته وتلعبه مجالس الشركات في إنجاح أو إفشال الشركات التي تتولى رئاستها، إن كان ذلك محلياً أو دولياً في دول عرفت بعراقتها وخبرتها في هذا المجال. إن ما تعرض له الكثير من الشركات من هزات ومصاعب في تلك الدول، جعل الحديث عن مجالس إداراتها ودورها في ذلك يتصدر أحاديث الإعلام ونقاشات وندوات المهتمين بهذا الأمر، مما يؤكد أهمية هذا الموضوع وضرورة الحديث عنه ومناقشته. بداية وانطلاقة للحديث عن هذا الأمر، الذي لن يقتصر تناوله على مقالة واحدة، لا بد من تعريف الدور الذي على مجلس الإدارة أن يضطلع به. لأنه إذا تم تحديد ذلك الدور استطعنا مناقشة أمرين مهمين، أحدهما يسبق ذلك الدور، وهو كيفية تشكيل المجلس وآلية اختيار أعضائه، والثاني متابعة أداء المجلس وتقويمه لاحقاً. فمعرفة الدور والمهام التي يجب على المجلس القيام بها تساعد من بيدهم حق ترشيح أعضاء ذلك المجلس واختيار أعضائه، وهم هنا الجمعية العامة، على اختيار الأعضاء المناسبين، إن هم، أي الجمعية العامة، وضعت جل اهتمامها مصلحة الشركة بعيداً عن العلاقات والمصالح والمنافع الشخصية. كما أن معرفة ذلك الدور تمكن الجمعية من مساءلة المجلس وتقويمه ومحاسبته عند أي إخفاق أو قصور. ليس هناك تعريفاً محدداً ودقيقاً لدور مجلس الإدارة وتحديد مهامه، كما هو الشأن في حالة الرئيس التنفيذي أو مدير عام الشركة، ولكن هناك اتفاقاً عاماً بين المهتمين والمعنيين بهذا الأمر حول ذلك الدور. إذ تدور تلك المهام حول موضوعات ثلاثة مهمة هي تحديد واعتماد التوجه المستقبلي والاستراتيجي للشركة والتأكد من التزام الشركة به، واختيار رئيسها التنفيذي ومتابعة أدائه، بالإضافة إلى الالتزام ومتابعة والاحتياط والاستعداد لما قد تتعرض له الشركة من مخاطر وتهديدات في كافة جوانبها التشغيلية والمالية والسوقية وغيرها. وكل هذه المهام تحتاج تفصيلاً أكثر، مع ما يتفرع منها من جزئيات، ومع ما ينتج حولها من أسئلة.