يبدو أن الديمقراطيين في أميركا ينقصهم إقامة سرادق العزاء ورفع بكائيات السواد في مقرات أحزابهم حزناً ودمعاً على هلاك الإرهابي قاسم سليماني!، فما يبرزه الإعلام المحسوب عليهم من منهجية رسمية تجاه طهران تتناقض فعلياً مع المصلحة الأميركية العليا، ففي الوقت الذي تهدد إيران بضرب المصالح الأميركية في كافة أنحاء العالم، يصر الديمقراطيون على حماية هذا النظام الفاشي، ويستميتون في الدفاع عنه بضراوة، بل ويهاجمون الرئيس ترامب لأنه قضى على أخطر إرهابي في العالم!. لا شك أن الإيرانيين يراهنون على عزل ترامب أو فشله في الانتخابات القادمة، وكل أحلامهم وطموحاتهم الحالية تترسخ في عودة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض حتى يعودوا لأنشطتهم الإرهابية، بينما سردية الانتخابات الأميركية وقراءة واقعها الفعلي تميل بكفتها لصالح بقاء ترامب في البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية، وهذا نذير بأربع سنوات عجاف جديدة على عمائم طهران، وربما تقتلع النظام الإيراني من جذوره، وتخلص الإيرانيين والمنطقة من مستنقع الإرهاب الطائفي. إن ما يقترفه الديمقراطيون في أميركا يدعو إلى العجب، حتى أضحوا اليوم كالنقطة السوداء في تاريخ الحزب الديمقراطي العريق وربما في تاريخ أميركا السياسي برمته، فانحيازهم المطلق تجاه الراعي الرسمي للإرهاب في العالم وتحيزهم الحاد نحو ملالي طهران يدعو إلى شيء من السخرية، فهل وصل بهم الحال إلى سوء التقدير؟، أم أن لديهم ضبابية في قراءة الواقع الفعلي لمنطقة الشرق الأوسط؟. السؤال الأهم، لماذا يصرف الديمقراطيون بصرهم عما يحدث من إرهاب طائفي لم تشهده المنطقة في تاريخها من تصفيات عبثية واغتيالات بالجملة وتهجير قسري لمجرد الاسم والانتماء!، فكل هذه الفوضى المتطرفة ما كانت ستحدث في العراق وسورية ولبنان واليمن لولا إرهاب قائد فيلق القدس قاسم سليماني، فلم كل هذا التهجم العنيف وغير المبرر ضد قرار الرئيس ترمب بتصفيته؟!. وأخيراً، لا شك لدى أي عاقل حصيف وبصرف النظر عن ديانته ومذهبه أنه يشعر بخطر الإرهاب وتناميه في العالم، ولا شك أيضاً، أن الإرهاب داء يفتك بكل المجتمعات سواء المتخلفة أم المتقدمة، وتجب محاربته والقضاء عليه أياً كان مصدره أو تبريراته، وهذا ما نسمعه من الإعلام الأميركي كثيراً، ولهذا نجد أنفسنا اليوم أمام معضلة غريبة تتجلى في المشهد السياسي الأميركي، وتحديداً في إعلام اليسار الغربي، فعندما أعلن الرئيس ترمب عن مصرع أبو بكر البغدادي، تهلل اليساريون فرحاً بهذا الإنجاز، ولكن الأمر اختلف تماماً مع الإرهابي قاسم سليماني، فهل ينظر الديمقراطيون للإرهاب بمنظار طائفي؟، أم أن ظروف المصلحة السياسية تقتضي التبرير لهذه النكسة الأخلاقية!.