استضاف نادي جازان الأدبي محاضرة عن الموروث الشعبي بمفهومه الشامل ومكوناته وأنواع وأشكال الموروث وتاريخه الممتد عبر حقب زمنيه وصولا إلى العهد السعودي: المحاضرة ألقاها المختص في اللغة واللهجات والمخطوطات والتراث، رئيس تحرير صحيفة الوطن الدكتور عثمان بن محمود الصيني وأدارها الدكتور فيصل بن علي طميحي المتخصص في الآثار والمهتم بالتراث ورئيس فرع الجمعية السعودية للمحافظة على التراث، في منطقة جازان متحدثا عن مكانة المحاضر ومناقبه العلمية وخبرته الإعلامية ثم شرع المحاضر في الحديث وطاف بالحضور في رحلة استعرض فيها الموروث الشعبي منذ العصر الجاهلي الذي كان شاهدًا آنذاك على ثقافة رسمية وشعبية من خلال رواية شخصيات الأوائل، وبين الصيني أن الجيل الأول من الرواة اتسمت رواياتهم برواية البطولات والأساطير، واتبع ذلك مرحلة التدوين وجمع الموروث وتناول القصص التي تحدث في الصحاري فأصبحت آنذاك نواة للموروث، لافتًا إلى أنه تخلل تلك الحقب فترات زمنية ضاع فيها كثير من الموروث الشعبي. وبين أن العصر العباسي شهد بداية السير الشعبية فكانت تلك السير نبضًا للشعوب، مستشهدا ببعض السير.. كالسيرة الهلالية وحرب البسوس، وعنترة بن شداد التي قدمت مجتمع الصحراء والحروب وبين الباحث أن السير الشعبية ارتبطت كثيرًا بالفن والأساطير، فيما اختفى كثير من تلك السير الشعبية مرجعا السبب لعدم تدوينها. ثم تحدث عن الموروثات الشعبية في العصر الحديث والتي قال عنها إنها ظلت مهملة دون تدوين، واورد عددًا من الأوائل في العصر الحديث الذين رصدوا الموروثات الشعبية كمحمد سعيد كمال الذي كان يحرص على الاستماع لشعر القبائل ومن ثم عمل على جمعها في 20 جزءا، وكذلك إسهامات عبدالكريم الجهيمان وعلي السلوق في رصد الموروثات الشعبية. وتناول مجالات التعامل مع الموروث الشعبي، فالموروث هو الشعر بمجمله.. شعر البطولات وشعر الحب وقصص السمر، معتبرا أن الإنسان هو العنصر الأساس في الموروث الشعبي فهو الذي أنتج كل ذلك وعاش معه، ووصف جازان بأنها سلة موروث المملكة بما تتكئ عليها من مخزون وتراث هائل، وشدد على أن الموروث هو الوجدان الحقيقي للشعوب. واستشهد الدكتور الصيني بظاهرتين لغويتين هما الخلط بين الحميرية واليمنية وظاهرة العنعنة بقلب الهمزة عينًا كإحدى ظواهر الخلل المنهجي في دراسة اللغة عند العرب، مبينًا أن الفصحى هي مجموعة لغات فصيحة اُنتخبت منها لغة مشتركة كلغة فصحى. وختم محاضرته بدعوة المؤسسات الثقافية معتبرا أن جمعيات الثقافة والفنون هي المعنية إلا أنها تعاني شحا في مواردها المالية لكنه أكد على أن الانفتاح الثقافي ورؤية المملكة 2030 ستفتح المجال للمهتمين بأهمية العناية والحفاظ على الموروث الشعبي من قبل الجهات الرسمية وفق استراتيجية وخطة عمل تضمن الحفاظ على ذلك الموروث ولا تكتفي باختزاله بل تقدمه بكافة مدلولاته الشعبية. حضور الأمسية