«خواطر محارب قديم» عنوان اختاره غازي بن جزاء الحربي لكتابه الذي أهداه لروح والده الرجل الأمي الذي بذر المعرفة في روح ابنه اليافع في زمن شح المتعلمين ولربما المرحبين بالتعلم لمقتضيات الزمكان التي كانت تعطيان الأولوية لما يساير العصر ويلبي احتياجاته من تربية الإبل والغنم، والاستقرار في مراتعها التي يصعب لساكنيها الاتجاه لمقاعد الدراسة، كان والد المحارب سابقا لعصره حينما أصر على إلحاقه بالمدرسة العسكرية التي خرجته ضابطا متعلما، خالج الغازي قبلها حلم أشبه بالخاطرة التي أفعمها الخيال وأنكرها الواقع، وكادت أن تنفر من رحاب الإدراك إلى النسيان لولا أن تمالكها وعي أب نافذ، ليصحو على وقع حوافرها ابن كان أكبر أحلامه أن يحلم. الكتاب تسطره أحرف العصامية وجمل المفاخر لرجل تسربل البدلة العسكرية وتشبع بروحها وشكلته صلابتها ليعانق طموحه عسكريا في الجيش، ويصل إلى حلم الصبا بخدمة دينه ووطنه من خلالها، نافثًا عبق الماضي منذ النشأة الأولى والالتحاق بالمدرسة العسكرية ومن ثم التخرج من كلية الملك عبدالعزيز الحربية والأحداث والحروب التي شهدها في أزمنة وأمكنة مختلفة، وإلى حين علق البدلة، دون التطرق لأسرار تلك الحروب وإنما مسبباتها ونتائجها وآثارها وتأثيراتها، نافيا كون الأحد عشر بابًا التي بين غلافي الكتاب مذكرات شخصية أو سيرة ذاتية أو مبحثًا أكاديميًا أو عسكريًا ليصفها بخواطر محارب كان قدره القتال على عدة جبهات، لينثر باقة من الخواطر التي حري أن تكون شاعرية بلسان محارب شجاع قدره أن يكون غليظًا لا تنفض من حولة المعاني السامية والكلمات الرنانة والمشاعر الصادقة.