يزخر تاريخ المملكة بأحداث ووقائع مهمة في تاريخ العرب الحديث، بدءًا من سنة 1744م، التي شكلت الانطلاقة الأولى للدولة السعودية عبر قرية الدرعية، وعلى يد الأول الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - حيث توالت بعدها الأحداث وتعاقبت الوقائع التاريخية حتى تمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - من استعادة حكم وملك أجداده، وتحولت المملكة العربية السعودية بعده من جغرافيا صحراوية قاحلة يغلب عليها طابع البداوة إلى دولة متمدنة حديثة تضاهي دول العالم الأول، وذات كيان سياسي مؤثر على الساحة الدولية. لقد ظل التاريخ السعودي محفوظًا عبر الوثائق والمخطوطات والكتب التقليدية، وفي عام 1972م، أسس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز «الأمير حينها» دارة الملك عبدالعزيز، وهي مؤسسة حكومية متخصصة في تاريخ وتراث وحضارة الجزيرة العربية، وتتميز بالمنهجية العلمية والرصد التوثيقي، ولها جهود متميزة في ترجمة وطباعة وتحقيق ما يتعلق بتاريخ الجزيرة العربية، وتعد اليوم معلمًا حضاريًا مشعًا وتنويريًا في المنطقة. اليوم، وعبر مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية (مسك) انطلقت رؤية تثقيفية مبتكرة لتاريخ المملكة، تعتمد على منهجية الرسوم المتحركة (الكرتون)، وتخاطب ذهنية الناشئة والأطفال، ولا يخفى على القارئ الكريم مدى نجاعة هذه النمطية الإبداعية في توجيه سلوك الأطفال، وتعزيز الآداب الاجتماعية والقيم التاريخية في ذهنيتهم الثقافية، لا سيما أن دولًا – كاليابان مثلًا – أقحمت فكرة الرسوم المتحركة في عمق المنظومة التعليمية، وحققت بذلك نجاحات باهرة، فآلية الشخصية الكرتونية المتحركة لديها القدرة الفاعلة على جذب الانتباه، وتقديم عروض الإثارة، وإيصال الرسالة التعليمية والتاريخية بكل مهنية واقتدار! لا شك أن توقيع عقد الشراكة بين دارة الملك عبد العزيز وشركة (المانجا) لصناعة المحتوى الإبداعي والتابعة لمؤسسة (مسك) الخيرية، يعد خطوة ممتازة، وترجمة واقعية للرؤية الوطنية، فهذه الشراكة تعتمد على توثيق تاريخ وشخصيات المملكة العربية السعودية عبر قصص مصورة ومن خلال فكرة الرسوم المتحركة، بحيث تقدمها الشركة المنتجة بصيغ إلكترونية إبداعية، وجاذبة للأطفال والشباب، وهذا المشروع الوطني يستهدف طلاب المدارس والمهتمين بتاريخ المملكة، ويعرفهم على إنجازات الأجيال السابقة وجهودهم في تأسيس وبناء هذا الوطن العظيم. وأخيرًا،، يبدو أننا في المملكة، على موعد مع نقلة نوعية متميزة في منهجيات التثقيف التنويري، ولعل الشراكة الفاعلة بين دارة الملك عبدالعزيز ومؤسسة مسك الخيرية فاتحة ثقافية مهمة للأجيال الناشئة، وبرؤية إبداعية مبتكرة تتماشى مع واقع الرؤية الوطنية.