يتسامرون كل ليلة للحديث عنه رغم أنهم لا يشجعونه، ولكن رغماً عنهم يعنيهم أكثر من أنفسهم ليردد أحدهم: الهلال سيسقط قريباً.. هكذا مشاعري تردد.. فيرد الآخر: سنوات وأنا أتمنى هذا السقوط ولكنه لم يحدث.. أما ثالثهما فيفرك يديه ومن ثم يتحدث: لو كان بطلاً لحقق بطولة خارجية.. لينتهي بهم المطاف للتواعد للقاءٍ في الغد.. لتتكرر نفس الأسطوانة.. "فالليالي اللي مضت مثل اللي مضت.." في الجهة المقابلة الرئيس الشاب فهد بن نافل يرفض استمرار عموري مع الهلال ويتعاقد مع مدرب شاب في مقتبل العمر وينسحب من صفقة كمارا!! ليبتهج هذا الثلاثي أن موسم الهلال سيكون عبارة عن هتان.. وهو أقل الخسائر فالهلال عودهم على الأمطار والعواصف. بدأت المنافسات بهلال يهزم الأهلي برباعية آسيوية.. دقات قلوبهم ترتجف.. ثم يُخرج الهلال الاتحاد بثلاثية.. ليصبح الشاي الساخن في يد أحدهم بارداً من برودة أطرافه.. الهلال يهدم سد قطر ويحوله إلى نفق للعبور.. صوت جديد ينضم إليهم: لا تخافوا فملعب الهلال "شؤم" ولن ينتصر فيه. يثور غبار المعركة ويحقق الهلال انتصاره في محيط الحُب ويقترب من تجديد أحلامه.. وجوم.. ترقب.. أرق.. الهلال يذهب لليابان.. حديث مواساة النفس في دواخلهم: الأجواء هناك باردة وتوقعات الطقس تبشر بجو ماطر.. ولا يوجد فريق ياباني خسر نهائي على أرضه.. لكن الهلال عاد بالجواهر والدرر وأعاد صياغة التاريخ.. وترك لهم المسامرة على بذور البطيخ.. وكسب ابن نافل مع هلاله الجولة بلا عموري ولا كمارا وبمدربه الشاب.. ومن حينها أصبحت سهراتهم كومة هموم.. وليلاً بلا بدر ونجوم.. وصل إليهم صديقهم الذي اختار الحل القاسي.. لا يتابع كرة قدم ولا يهتم لها، أو ربما لا يهتم إلا بمنافسات كرة القدم العالمية.. أراد أن ينتشلهم من غياهب المرارة.. صرخ بهم: الرياض موسمها جميل.. وجوها عليل.. خرجوا مسرعين لعل وعسى أن يجدوا المتنفس.. وصلوا.. نعم وصلوا ليجدوا عاصمة الوطن تحتفل بهلال الوطن.. أينما وجهت وجهك ستجد الهلال أمامك.. الهلال في كل مكان، عفواً.. أقصد الأفراح في كل مكان.. الجماهير مبتهجة.. عمارات العاصمة تتوشح بالزراق.. الرياض تتراقص طرباً بكبيرها.. والبلاد كلها تفتخر بهذا العملاق.. فجأة.. بالصدفة يجدون صديقهم ناصر الذي كان معهم قبل عشرين عاماً.. التفت بابتسامته المعهودة متسائلاً هل ما زلتم منذ تلك السنوات ضد الهلال أم تغيرت الأمور.. تسابقوا على الرد ولكن كان أعلاهم صوتاً يقول: بل أنت هل ما زال الفرح يتعامل بروتينيته المعتادة معكم! ناصر يرسل ضحكة "غوميزية" عالية انظروا في كل مكان ستجدون الهلال يحتويكم وأفراحه أمامكم وإن حاولتم الهرب ونظرتم للسماء فستذكرون لونه البهي وابتعاده عنكم بُعد السماء.. الحل الوحيد أن تنظروا للأسفل، حينها فقط لن تشاهدوا هذا الهلال ولكن تذكروا حينها أنه هو من أجبركم أن تطأطئوا رؤوسكم.. عاد ناصر لاحتفالاته وانتقلوا لدعم الترجي التونسي لمحاولة حفظ أسماء لاعبيه وهم الذين عجزوا عن حصر بطولاتهم الحقيقية ليعودوا لنفس الدوامة السابقة ويعود المارد الأزرق ليهزم عملاق تونس وبطل أفريقيا الترجي في كأس العالم للأندية، ليكتب أحدهم على جدار الصدق والاعتراف بعدما أصابه ما أصابه من الهلال "انتهى الدرس يا ذكي"!! سنوات والهلال يعطيهم الدرس تلو الآخر.. ويقدم لهم العمل الجاد.. والنموذج الأكمل.. نعم انتهى الدرس يا ذكي.. واللبيب بالإشارة يفهم.