أنعم الله على المملكة بثروة عظيمة من أشجار النخيل؛ لكن هل تستفيد المملكة من هذه الثروة؟ إنَّ النظرة البسيطة لمدن ومزارع وشوارع المملكة تثبت أنَّ هناك أوضاعًا متناقضة في هذا المجال، فلا يعقل مثلًا أن تكون المملكة من أكبر دول العالم إنتاجًا للتمور ويشتريها المواطن بثمن مرتفع؛ نتيجة استنزاف بعض العمالة بشكل غير نظامي مئات الملايين من الريالات دون بذل جهدٍ يذكر، عبر شراء المحاصيل بأرخص الأثمان ودفعها إلى السوق لتباع بأضعافٍ مضاعفة بتواطؤِ بعض ضعاف النفوس. وطبقًا لإحصاءات المركز الوطني للنخيل والتمور بلغ عدد أشجار النخيل في المملكة ما يقارب 28 مليون نخلة من إجمالي 38.5 مليون نخلة مزروعة في مساحة 107 هكتارات، كما بلغ حجم إنتاج المملكة 1.1 مليون طن ب 15% من حجم الإنتاج العالمي، وتصدر المملكة من هذا الإنتاج 25%، ما أدَّى إلى ارتفاع العوائد من تصديره إلى 222 مليون ريال في الربع الأخير من عام 2018. على الرغم من ذلك فهذه الأرقام غير كافية أو مقنعة بالنظر إلى هذه الثروة التي تعدُّ معينًا لا ينضب إذا ما تم استغلالها على الوجه الأكمل، فلا يوجد جزء في النخلة إلا ويمكن استغلاله، سواء ثمارها أو جذوعها أو أليافها أو طلع النخلة وحتى نوى التمر، وهناك صناعات تحويلية كاملة يمكنها الاعتماد على هذا الإنتاج، فالتمر غذاء ودواء، ويمكن أن تقوم عديد من الصناعات على التمر ومشتقاته، وهذا يعني إنشاء مزيد من المصانع، وجذب رؤوس الأموال، وخلق فرص عمل، وتشغيل الشباب، وزيادة عوائد المملكة. ولأنَّ الإدارة الحديثة عِلم وفن له أصوله ومناهجه وأدواته، فيقتضي الأمر وجود هيئة عليا؛ لتقديم الدعم لمزارعي التمور، وتحسين إنتاجه، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية والوطنية للاستثمار في هذا المجال.