قدَّم الدكتور بدر الفقير محاضرة في مجلس الشيخ حمد الجاسر الثقافي «دارة العرب»، استعرض فيها كتابه «روائع التّراث الطبيعيّ في شمال غرب المملكة العربيّة السّعوديّة: آفاق واسعة للسّياحة البيئيّة»، الذي ألَّفه بعد عقدٍ من التّرحال والعمل والبحث الميداني للمواقع الطبيعية في أكثر من 200 ألف كيلو متر مربع في شمال غرب المملكة، وأدار المحاضرة الدكتور سليمان الذييب. وقال الفقير: إنّ هذا الكتاب يتزامن صدوره وهو يعرض مظاهر عبقريّة شمال غرب الوطن مع هبوب عاصفة الحزم الاقتصاديّة صوب الموقع لأربعة مشروعات سياحيّة وتنمويّة وبيئيّة وعلميّة، هي مشروعات الهيئة الملكيّة للعلا، ومشروع نيوم، ومشروع البحر الأحمر، ومشروع محميّة الأمير محمّد بن سلمان، وأمله أن يُسهم الكتاب في ترجمة مواهب المنطقة الطبيعيّة والأحيائيّة والثّقافيّة إلى أدوات إنتاج وعناصر نمو، وخدمات لثمانية عشر نشاطًا سياحيًّا بيئيًّا يغطّي جميع الأنماط السّياحيّة البيئيّة التّقليديّة والحديثة. وعدّ هذا الكتاب مساهمة في توثيق عرى الانتماء والصّداقة بين المواطن وبيئته، وأكد أن أرضنا هي المكان الصحيح لتشغيل طاقاتنا، وتحقيق تطلعاتنا لنتصدّر السباق الحضاريّ الأمميّ في القوائم الدوليّة لليونسكو عبر مضاعفة أرصدة مواقعنا الطبيعيّة والثّقافيّة المبهرة. وأوضح أن هذا الكتاب يبحث عن تجسيد الجانب الجماليّ للمناظر الطبيعيّة وتكريسها كمواد للمتعة والتأمّل، فظواهر المسرح الجغرافيّ في هذا الجزء من الوطن تناغم بين الجلال والجمال، وهيبة أبعادها الطبيعيّة في ارتفاعها واتّساعها وحجمها وآفاقها الممتدة، وجمال ودقة تقنياتها في نحتها وتناسقها وتفاصيل أشكالها وتصاميمها. وأفاد بأن هدف الكتاب محاولة تحفيز تدفق المشاعر وولادة حالة تمييز حسّي بالجمال الطبيعي بأمل ترقيتها إلى حالة سمو ذهنيّة موحية بالابتهاج، ومعزّزة للشعور بالهويّة الجغرافيّة الوطنيّة، واعتمد في منهج البحث على استقراء جزئيات الظواهر الطبيعيّة، والمقايسة بينها، وإضاءة مكامن الجمال بدعم من وسائل الإيضاح التي تعبر عنها ببلاغة عالية كلٌّ من الخرائط والأشكال الجيولوجيّة والتضاريسيّة التفصيليّة والمرئيات الفضائيّة والصّور الجويّة والأرضيّة التي وثّقها الكتاب واستعرضها بالمحاضرة. وأشار إلى أنّ الجيولوجيا للمملكة تحمل تاريخًا حافلاً يمتدُّ من أقدم الدُّهور الجيولوجيّة، وقدّم قراءةً مثيرةً في فصول سجلّات ووثائق الحياة والموت الأحفوريّة لبعض الكائنات الحيّة ما عاش منها وما انقرض. ثم ركز على المحور الجماليّ الذي عرضه على هيئة مسارح تشكّلت بعوامل التّعرية والزّلازل والبراكين، والمظاهر التضاريسيّة الكبرى التي تشكلت بتوليفة سامية من الجبال الشّاهقة وقممها التي تشكّلت بعدّة أشكال شبيهة بالكائنات الحيّة ساعد على تشكّلها اختلاف التركيب الكيميائيّ وتفاعل المواد الصخريّة مع الماء وضوء الشمس إلى إنتاج لوحات طبيعيّة ملونة في الجبال والتّلال ومجاري وأحواض البحيرات والأنهار. وفي الختام دعا المحاضر إلى العودة إلى أحضان الطبيعة التي أُهملت وبُخست قيمتها وسط حصار الشّاشات، مشددًا على ضرورة الحفاظ على الوطن ومواقعه السيّاحيّة.