في كل محنة منحة ووراء كل عَبرة عِبرة، وما يجري من أحداث وكوارث يستفيد منها العقلاء ويحولونها إلى قائمة من الأفكار تفتح مغاليق المستقبل! والأحداث التي تشهدها المنطقة الآن بشكل درامي وإيقاع سريع في العراق ولبنان وقبل ذلك في اليمن وسورية تكشف للعالم الدور البشع الذي كانت تلعبه إيران في الخفاء وهي تؤسس ترسانة العنف عبر وكلائها وميليشياتها في المنطقة! لقد كان بعض الأشقاء والأصدقاء من دول شتى يتعجبون من مواقف المملكة القوية تجاه إيران ويصفها بعضهم بالمبالغة والانشغال بما لا يستحق الانشغال به وينظرون إلى إيران بمنظار النوايا الحسنة ويعتقدون أن المنطقة وشعوبها لا ترى في إيران ونظامها إلا الصداقة والجوار! ولكن هؤلاء عجزوا عن تحليل الأحداث وتقاعسوا مع الأسف عن قراءة تاريخ الثورة الخمينية وأهدافها وطموحاتها الأيدلوجية ورؤيتها التسلطية في المنطقة! وها نحن الآن نصمت لنترك الحديث للشعوب التي تسلطت عليها إيران لعقود عبر وكلائها المأجورين ونحسب أن لأشقائنا وأصدقائنا الذين أشبعونا لوما وعتابا وتقريعا عيونا يبصرون بها وآذانا يسمعون بها وهم يرون ميادين العراق ولبنان تهدر بكل قوتها تطالب بصوت واحد بطرد إيران وأياديها الخفية من أوطانهم بعد أن ملوا وكلوا من حياة الفساد والإرهاب والتسلط والضغط الذي انفجر في الشوارع بلا هوادة! ونظن أن الأشقاء والأصدقاء يرون التعامل الإيراني مع هذه المطالب المشروعة بعنجهية المستبد الذي لا يريد لمشروعه الإرهابي التوسعي أن يقف! هذه الأحداث رغم وقعها النفسي علينا ورغبتنا الصادقة أن تنال شعوبنا العربية وأشقاؤنا في العراق ولبنان وسورية واليمن حياتهم الكريمة بعيدا عن تسلط الشبح الإيراني إلا أنها تقول للعالم أجمع إنه لو استفاق لتحذيرات السعودية المبكرة واستجاب لرؤيتها منذ عقود لما حل بالمنطقة كل هذا الدمار والإرهاب ونقول لهم على لسان دريد بن الصمة بعد أن حذر قومه فما استجابوا له ولحكمته: أَمَرْتُهُمُ أَمْرِى بمُنعَرَجِ اللِّوَى * فلم يَسْتبِينُوا الرُّشدَ إِلا ضُحَى الغَد! ونحن الآن في ضحى اليوم يملؤمنا الأمل أن يستبين العالم رشده تجاه هذا النظام الغاشم والجاثم على شعبه وعلى شعوب أخرى في المنطقة! وما لم يقف العالم بمنظماته ومؤسساته الدولية فلن نرى غير المزيد من العنف المصدّر تجاه الإنسان والحضارة والحياة الكريمة في المنطقة!