تخطو المملكة بقوة في اكتشافاتها الثرية للغاز الصخري الذي تعتبره قطاعاً واعداً ومن أهم مرتكزات رؤيتها 2030 بعدم اعتماد الدخل الوطني كلياً على صادرات النفط الخام وتحييد نسبتها عند 50 %، مقابل قيام قطاعات ضخمة غير نفطية تساهم برفد الاقتصاد الوطني بموارد أخرى قوية منافسة ومساوية لنسبة العوائد النفطية، وعلى الرغم من أن شركة أرامكو السعودية تقود الصادرات النفطية التي تسعى المملكة بألا تكون موردها الوحيد، إلا أن شركة الزيت السعودية العملاقة المسيطرة على عشر الإنتاج العالمي للنفط الخام تسارع بنفسها بأكبر القوى والسبل لدعم القطاع غير النفطي المعزز لتنوع الاقتصاد الوطني مرتكزة على استراتيجية طويلة المدى تستهدف زيادة إمدادات الغاز للقدر المواكب لاحتياجات الثورة الصناعية السعودية الشاملة في قطاعات البتروكيميائيات والتعدين والطاقة والتحلية والصناعات التحويلية وتنمية قطاعات أخرى جديدة.ونجحت شركة أرامكو بإنتاج الغاز غير التقليدي الصخري في شمال المملكة مستهدفة دعم مشروعات مدينة وعد الشمال الصناعية والتي ستحقق زيادة في إجمالي الناتج المحلي من القطاعات غير النفطية تصل إلى 24 مليار ريال سنويًا، ما يعادل 3 % في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ووضعت أرامكو ثقلها لتطوير أول منظومة في المملكة وفي المنطقة العربية لإنتاج وتوريد الغاز غير التقليدي باستثمارات بلغت أكثر من 10 مليارات ريال منجزة عددا من المعامل بطاقة تقدر بنحو 55 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا، مع إضافة 4 معامل في 2019 التي سترفع الإنتاج تدريجيًا إلى أكثر من 190 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم. وتخوض وعد الشمال معترك الهيمنة العالمية لقطاع التعدين ومعالجة الفوسفات وتطوير صناعات معززة بالقيمة المضافة منها الصناعات البلاستيكية والزجاج، في حين من المخطط استخدام حصة من الإمدادات المستقبلية للغاز التقليدي كلقيم للصناعات التحويلية في وعد الشمال وفقا لضوابط وزارة الطاقة. هذا بخلاف الاستخدام الأساسي للغاز التقليدي في مشروع وعد الشمال لتوليد الكهرباء ووقف حرق سوائل الوقود لتوليد الطاقة في المنطقة وفي الوقت ذاته توفير مخزون من المواد الهيدروكربونية كالنفط الخام للتصدير بدلاً من الحرق بما يحقق قيمة أقوى، وكذلك توجيه المزيد من الطاقات النفطية الموفرة للاستخدام في التكرير والبتروكيميائيات. وجاءت نجاحات أرامكو في اكتشافات الغاز الصخري مدفوعة بتقنيات عكفت على تطويرها لتصل الريادة التي مكنتها من الوصول لعشرات الآبار وزيادة الفرص لاكتشافات أكثر انسيابية بتقليل أعمال الحفر التي ستخفض تكلفة الإنشاء والصيانة بنسبة 70 %. في وقت يتميز مشروع تطوير منظومة الغاز غير التقليدي لوعد الشمال بأعمال التحكم والسيطرة عبر تقنيات التطور الرقمي تغطي شبكة تتضمن 50 بئرًا ومرافق إنتاج ومعالجة تنتشر على أبعاد تتراوح بين 70 إلى 120 كم من مجمع وعد الشمال. وتوسعت اكتشافات أرامكو للغاز الصخري بضخ استثمارات ضخمة في التنقيب وتحفيز آبار الغاز غير التقليدي وتطوير مواردها في ثلاثة مكامن مبشرة بالمملكة أثبتت خصوبتها ومنها حوض الجافورة الضخم في الأحساء الذي يأتي ضمن خطط الشركة لإنتاج ثلاث مليارات قدم مكعب قياسي من الغاز غير التقليدي خلال العشرة سنوات القادمة، وذلك في ظل الثروات الهائلة التي تنعم بها المملكة من هذا المورد وبالأخص في منطقة الأحساء الذي يمتاز باحتوائه على نسبة عالية من السوائل حيث تقوم أرامكو حالياً بتطوير هذه الموارد.وتنوي أرامكو ضمن جزء من خططها الاستثمارية بدء مرحلة جديدة في بناء معمل الجافورة للغاز الصخري في 2020، والذي سينتج مبيعات الغاز والإيثان والمكثفات وسوائل الغاز الطبيعي، في حين تعكف الشركة لتساهم استثماراتها في الموارد غير التقليدية وبشكل رئيس في مزيج الطاقة المحلي في المملكة لتوفير إمدادات لدعم قطاع الكهرباء والغاز المخصص لاستخدامات المنازل والشركات الجديدة والصناعات من إمدادات منطقة الغوار الكبرى وحوض الجافورة الشرقي، والجلاميد في الشمال. إلى ذلك كشفت أرامكو لمكتتبيها بأنها بدأت برنامجاً للموارد غير التقليدية تجري في إطاره تقييماً لعدة مناطق داخل المملكة من حيث إمكانية وجود الغاز والسوائل المصاحبة له للمساعدة في تلبية الاحتياجات المحلية من الطاقة مستقبلا، وفي 31 ديسمبر 2018 كانت الشركة قد بدأت الإنتاج التجريبي للغاز في شمال المملكة في منطقة غير مرتبطة مباشرة بشبكة الغاز الرئيسة بهدف استخدامه بديلا عن الديزل في توليد الكهرباء، هذا وقد تم الشروع في الإنتاج التجريبي لتقييم إمكانات الإنتاج من صخور المنشأ التي تتميز بارتفاع المحتوى العضوي الكلي وقلة مسامية المكامن في منطقتي الجافورة وجنوب الغوار.