التقى الرئيس اللبناني ميشال عون أمس الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي. وجرى خلال اللقاء عرض الأوضاع العامة في البلاد، كما نقل زكي للرئيس عون رسالة دعم من الجامعة العربية واستعداد للمساعدة في حل الأزمة اللبناني. من جانب آخر، خلفت التظاهرات الشعبية اللبنانية المطالبة بحل كامل الحكومة، أزمة اقتصادية خانقة شكلت سبباً رئيسياً في حركة احتجاج واسعة تشهدها البلاد منذ أكثر من أربعين يوماً. على إثر ذلك يجد آلاف اللبنانيين أنفسهم مهددين بخسارة وظائفهم، وبعضهم خسرها بالفعل جراء صرف من دون سابق إنذار، فيما تلقى موظفون في قطاعات عدة تعليمات بالحضور إلى مراكز عملهم بدوام جزئي مقابل نصف راتب. وتعدّ الأزمة الراهنة وليدة سنوات من النمو المتباطئ، مع عجز الدولة عن إجراء إصلاحات في البنى التحتية وخفض العجز، وتراجع حجم الاستثمارات الخارجية، عدا عن تداعيات الانقسام السياسي الذي فاقمه النزاع في سورية على اقتصاد يعتمد أساساً على الخدمات والسياحة. وارتفع الدين العام إلى 86 مليار دولار، ما يعادل 150 % من إجمالي الناتج المحلي. وكان لبنان ينتظر الحصول على 11,6 مليار دولار كهبات وقروض أقرّها مؤتمر "سيدر" في باريس عام 2018، مقابل إصلاحات هيكلية وخفض عجز الموازنة، لكن الانقسام إزاء تطبيق هذه المشاريع والخلاف على الحصص والتعيينات، حال دون وفاء الحكومة بالتزاماتها. وتقول مديرة مركز "كارنيغي" في الشرق الأوسط مهى يحيى "لا نتجه إلى أزمة، نحن في خضم تدهور اقتصادي". وتوقّع البنك الدولي أن يسجل العام الحالي نسبة ركود أعلى من تلك المتوقعة مع نمو سلبي بنحو 0,2 %. وحذّر من أن معدل الفقر (ثلث اللبنانيين) قد يرتفع الى 50 %، ونسبة البطالة (أكثر من 30 %) في صفوف الشباب مرشحة لارتفاع حاد. وبدأت قطاعات حيوية التحذير من سيناريوهات كارثية. وتشهد البلاد أزمة سيولة بدأت معالمها منذ مطلع العام، مع تحديد المصارف سقفاً للتحويل إلى الدولار خفّضته تدريجياً، ما تسبب بارتفاع سعر صرف الليرة الذي كان مثبتاً على 1507 ليرات مقابل الدولار منذ سنوات، الى أكثر من ألفين في السوق الموازية. وحددت جمعية المصارف مؤخراً سقف السحب الأسبوعي للمودعين بألف دولار. وحذرّت قطاعات عدة من أنها لن تتمكن من استيراد مواد أساسية من الخارج بسبب شح الدولار. وطالب وزير الصحة العامة جميل جبق الثلاثاء مصرف لبنان بالتدخل لتوفير المبالغ الضرورية اللازمة بالدولار لتسهيل استيراد المعدات الطبية. ولاحظ اللبنانيون انقطاع عدد من الأدوية وارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الغذائية، مقابل تقلّص قدرتهم الشرائية. من جهتهم، بدأ أصحاب محطات المحروقات صباح الخميس إضرابا مفتوحا. ونقلت صحيفة "الجمهورية" اللبنانية عن جورج البراكس، المتحدث باسم محطات المحروقات، أن "الإضراب سيكون مفتوحاً ولن يقتصر على ثلاثة أيام فقط نتيجة الأوضاع التي وصلنا إليها"، مشيرا إلى الخسائر التي يتكبدها أصحاب المحطات نتيجة تراجع قيمة الليرة أمام الدولار. وأضاف البراكس أن "عدداً كبيراً من أصحاب المحطات توقف عن توزيع المازوت لأنّ بيعه خسارة، أمّا بيع البنزين فكان مستمراً حتى الأمس تلبية لرغبة زبائننا".