من الطبيعي ونحن نتحدث عن العلاقات السعودية - الإماراتية المميزة، أن نتوقف أولاً عند الطبيعة التي تحكم المملكة العربية السعودية، بدول الخليج عامة والإمارات خاصةً في هذه الظروف الصعبة والحساسة، حيث تمثل المملكة بثقلها العربي والإسلامي، دور الشقيقة الكبرى لمجمل الدول الخليجية، كما أن ما تمتلكه المملكة من مقدرات اقتصادية هائلة، كونها من أكبر مصدري النفط في العالم، وما تمتلكه أيضاً من قدرات عسكرية، يجعل منها جدار الصد الأمامي في الدفاع عن أمن الخليج وحمايته، والأمن القومي العربي عامة، ولذلك فإن الحديث عن العلاقات السعودية - الإماراتية، لا يعدو كونه فصلاً من فصول علاقات الأخوة الاعتيادية التي تربط المملكة بأخواتها الخليجيات عامة. الرهان على تحالف الرياضأبوظبي لتكوين مركز ثقل لاستقرار وسلام المنطقة ولكننا سنتناول في هذا التقرير تطور وتنامي العلاقات بين (الرياض وأبو ظبي)، لأسباب كثيرة وعديدة، أبرزها أن الإمارات تشكل مع مجلس التعاون الخليجي، عضو فاعل ومهم ومؤثر، ما كان لها أن تستمر في النجاح، لولا الموقف السعودي القوي والداعم لهما، انطلاقًا من سعي المملكة، إلى شد عضد الأمة العربية والإسلامية، وتعزيز مواطن القوة العربية، بشكل يضمن الحفاظ على الأمن القومي العربي، ويحمي المنطقة من أي اعتداء خارجي، ويكون ضامناً لمصالح العرب القومية. وعليه فإن تقريرنا هذا ليس سوى تسليط للضوء على أهمية علاقات المملكة بإخوانها الخليجيين والعرب عامة، والتوقف عند العلاقات الثنائية المميزة بين (الرياضوأبوظبي)، لما لهاتين العاصمتين من أهمية وتأثير في القرار الخليجي الموحد، ودورهما البارز في القضايا العربية عامة المهمة. علاقات ضاربة في جذور التاريخ والجغرافيا كما هي الحال في كل الدول الخليجية، تربط شعوب هذه الدول ببعضها علاقات اجتماعية وثقافية واقتصادية ناهيك عن توحدها في إطار الدين الإسلامي الحنيف والعادات والتقاليد، وساعد ذلك عبر التاريخ في نمو علاقات أخوية وشبه عائلية داخل الأسرة الخليجية بشكل عام، خاصة في ظل توزع القبائل والعوائل العربية على مختلف الدول الخليجية. وقد ارتبطت المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ودولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بعلاقات تاريخية أخوية وقوية ووثيقة، وهي علاقات أخوية شقيقة ضاربة في جذور التاريخ والجغرافيا، وتعززها روابط الدم والإرث والمصير المشترك، أسس دعائمها عاهل المملكة العربية السعودية آنذاك الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، مع أخيه الشيخ زايد بن سلطان - طيب الله ثراهما -. ولو توقفنا قليلاً عن هذه العلاقة المميزة، لوجدنا أن قيادتي البلدين حرصتا على توثيقها باستمرار وتشريبها بذاكرة الأجيال المتعاقبة، حتى تستمر هذه العلاقة على ذات النهج والقوة والمضمون والهدف، مما يوفر المزيد من عناصر الاستقرار الضرورية لهذه العلاقة المتفردة والمنسجمة، وديمومتها أيضاً، لاسيما أنها ترافق إرثاً من التقاليد السياسية والدبلوماسية التي أُرسيت على مدى عقود طويلة من الزمن، كانت فيها علاقات البلدين ولا تزال تتسم بالتنسيق والتعاون والتشاور المستمر حول المستجد من القضايا والموضوعات ذات الصبغة الإقليمية والدولية، في إطار انسجام كامل في جميع القرارات المتخذة من الدولتين الشقيقتين، لاسيما أن الدم السعودي والإماراتي اختلط في معركة واحدة وهدف واحد، وكذلك في القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك. كما أن العلاقات القوية والاستراتيجية بين المملكة والإمارات، تستند في الواقع أيضاً إلى مبادئ الأخوة والرؤى والمواقف المشتركة والتوجهات المتسقة تجاه قضايا المنطقة والعالم، أضف أن هذه العلاقات المهمة تمثل ركناً أساسياً من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمن القومي العربي. تعاون في مواجهة التطرف والتعصب والإرهاب وبفضل سياسة البلدين الرشيدة، وتوجههما العروبي الصادق، فقد خطت العلاقات بين المملكة والإمارات خطوات استراتيجية سريعة ومهمة ومنسقة خلال العقد الأخير، جعلت منها نموذجاً لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الدول العربية، ومثالاً على الوعي المشترك بطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية المحيطة، وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف متسقة ومتكاملة الأركان والأهداف، كما أن العلاقات القوية والاستراتيجية بين البلدين، في مواجهة نزعات التطرف والتعصب والإرهاب والتشجيع على تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات، وأهمها التصدي للطائفية والمذهبية والتطرف الديني. والحديث عن العلاقات بين المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية الأخرى حديث يطول، يشبه الحديث عن علاقة الأشقاء الحميمية، وذلك بما تحتويه هذه العلاقة من ألوان الحياة والمحبة والمسؤولية معاً، هذه الحالة الصحية هي في الواقع حال العلاقات بين المملكة والإمارات الشقيقة، التي تتشاطر معها الكثير من الهموم والآمال والتطلعات، في بيت الأسرة الخليجية الواحد، لاسيما أن دولة الإمارات العربية المتحدة الفتية المتطورة، ارتبطت منذ قيامها بعلاقات أخوية مع المملكة، وطدتها اتفاقيات مهمة كثيرة وكبيرة، ذات طابع اقتصادي واجتماعي وأمني واستراتيجي مميز، حيث إن هناك تطابقاً في مواقف البلدين المتسقة تجاه ما تتعرض له المنطقة العربية من أخطار كبيرة تفرضها التطورات الدراماتيكية في المنطقة والعالم، ويأتي في مقدمتها كما هو معروف خطر التطرف والإرهاب والطائفية، ويعملان معاً في بوتقة واحدة تحت مظلة شاملة من أجل بناء استراتيجية مواجهة عربية مشتركة وفاعلة لهذه الأخطار من منطلق وعيهما بالمسؤولية الوطنية والتاريخية الملقاة عليهما وما تنتظره منهما الشعوب العربية من دور فاعل في التصدي لما يعترض المنطقة من تهديدات تستهدف أمنها واستقرارها ووحدة دولها وتعايش شعوبها. ونلاحظ هنا أن البلدين يتشاطران الرأي والمشورة دائماً في كل القضايا المصيرية، بحيث يصعب التفريق بين الموقف السعودي والإماراتي في الكثير من الأحيان فهو خطاب واحد متسق ومنسجم، ولاسيما بشأن القضايا العربية المصيرية، والتحديات التي تواجهها أمتنا العربية. تناغم وانسجام.. وتوافق الرؤى ويمكن وصف العلاقات بين المملكة ودولة الإمارات بأنها استراتيجية بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، حيث يبدو جلياً تناغم وانسجام وتوافق الرؤى تجاه القضايا الإقليمية والدولية والوعي بخطورة التهديدات والتحديات المصيرية المحيطة بالمنطقة، والتي من شأنها أن تدفع بدولها إلى التماس أنجع السبل والتفاهم للتعاون والتكامل فيما بينها، من أجل تشكيل سد منيع يستطيع الوقوف أمام التيارات الجارفة التي تهدد المنطقة على أكثر من صعيد في هذه المرحلة الحرجة والحساسة. وإذا رجعنا إلى التاريخ قليلاً، نستطيع أن نتلمس تلك الروح الأخوية التي كانت تربط الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله - بالمملكة العربية السعودية، مثلما تربط هذه الروح أيضاً القيادتين في الوقت الراهن، نظراً لإيمانهما بالجذور التاريخية العميقة لهكذا علاقة وثيقة ومتطورة، وأهمية تعزيزها من أجل البلدين معاً والمنطقة كافة، والحقيقة التي لابد من التوقف عندها هي أن الإمارات كانت على الدوام السباقة، لتفهم ومساندة الآراء والمواقف الحكيمة للقيادة السعودية ولاسيما فيما يتعلق منها بأمن منطقة الخليج والعالم، كما أن إطلاق اسم خادم الحرمين الشريفين على أحد أهم شوارع العاصمة الإماراتيةأبوظبي مؤخراً يدل على مدى التقدير والاحترام الذي يحظى به خادم الحرمين الشريفين في الإمارات، ويبين مدى محبة الإماراتيين، وقربهم من المملكة العربية السعودية باعتبارها الشقيق الخليجي الأكبر، ومن هنا كان دعم الإمارات القوي للمواقف السعودية في محاربة التطرف والإرهاب والتشجيع على الحوار بين الحضارات والثقافات. زيارة ولي العهد تتوج العلاقة القوية والصحية وتأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى العاصمة الإماراتيةأبوظبي لتتوج هذه العلاقة القوية والصحية المبنية على أسس قوية وثابتة ثبوت سياسة وأهداف البلدين الشقيقين في جميع المواقف والرؤى والأهداف واستشراف المستقبل نحو أفق بعيد المدى، لاسيما أن الأمير محمد بن سلمان، تربطه علاقة صداقة حميمية مع أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، حيث إن الزعيمين التقيا أكثر من مرة وأكثر من لقاء حميمي في (الرياضوأبوظبيوجدة). ويبدو أن هذه المبادرات الإيجابية تأتي دائماً من (الرياضوأبوظبي)، فالعلاقات السعودية - الإماراتية تشهد تطوراً نوعياً في مختلف المجالات وتقدم ترجمة حقيقية لتاريخ طويل من التعاون الأخوي والإقليمي بين البلدين، حتى إن الكثير من المحللين يرون أن الرهان سيكون على التحالف السعودي - الإماراتي في وجود مركز ثقل يسعى للاستقرار والسلام في المنطقة، لاسيما أن تاريخ البلدين مليء وغني بالمواقف العروبية الشجاعة، ويمتلئ بالمبادرات، لتسوية الخلافات العربية وتعزيز روح التضامن العربي، الذي لا يمكن للعرب أن ينهضوا من دونه. وهذه العلاقات بين البلدين الشقيقين المملكة والإمارات ليست مصطنعة أو مفروضة سياسياً، أو مواقف تكتيكية مؤقتة، بل هناك تناغم شعبي واضح بين البلدين، وأصبح السعوديون يجدون في الإمارات بيتهم الثاني الذي يشعرون فيه بأنهم في بلدهم وبالأمان والتقدير، ولذلك اتجهت بوصلة الأعمال والسياحة السعودية باتجاه الإمارات بشكل واضح. كما أن الإماراتيين يجدون في المملكة موطناً آخر لهم حيث إن الكثير من الشركات الإماراتية أوجدت لها حضوراً مميزاً في السوق السعودية، فأهم الشركات الناجحة الآن في الاتصالات ومشروعات التطوير العقاري وبناء المدن الجديدة هي شركات إماراتية، وبالتأكيد أن تداخل المصالح والعلاقات الشعبية هو الصمام لتعزيز العلاقة ونموها واستمراريتها لصالح الشعبين الشقيقين. التنسيق السعودي - الإماراتي يتجه للشكل المؤسسي الميزة المهمة في التنسيق السعودي - الإماراتي أنه يتجه للشكل المؤسسي، ولذلك وجود اللجنة العليا المشتركة والتنسيق العالي بين البلدين الهدف منه تحويل زخم التفاهم التام إلى علاقة مؤسساتية تشمل الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتنموية والتعاون البيئي والعلمي. والحقيقة التي لابد من ذكرها هنا هي أن هناك موروثاً ثقافياً وتاريخياً بين البلدين، يعززه تاريخهما المشترك وعلاقاتهما القومية، كما أن الشيخ زايد - رحمه الله -، وعلاقته الخاصة مع الحكام السعوديين، خاصة مع الأسرة الحاكمة في المملكة، جعل لهذه العلاقة طابعاً خاصاً وعميقاً، ولذلك يقول سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي: «إن العلاقات الإماراتية - السعودية تجسيد واضح لمعاني الأخوة والمحبة والروابط التاريخية المشتركة» وهو الذي دائماً يؤكد حتى في مجالسه الخاصة على خصوصية العلاقات السعودية - الإماراتية وعمق الترابط بين البلدين. ولذلك يصح القول: إن المملكة والإمارات تمثلان أفقاً جديداً في العلاقات العربية، وهما يستطيعان أن يلعبا دوراً محورياً مهماً في المحافظة على الأمن الإقليمي العربي. كما أخذت العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، أبعاداً جديدة في الفترة الأخيرة تعكس التطورات الميدانية التي تشهدها المنطقة الخليجية والعربية والعالمية، ظهر خلالها التعاون بين البلدين الشقيقين في أعلى تجلياته وأشكاله، وبرز في أنقى وأرقى صوره. خادم الحرمين يشارك في احتفالات الإمارات الملك سلمان والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي ولي العهد والشيخ محمد بن زايد الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي