تجربة طريفة من كتاب أبطئ إلى سرعة الحياة: حاول الآن أن تشعر بالغضب. هل استطعت؟ لا! ستجد أنك لن تستطيع ذلك إلا إذا تذكرت موقفاً حصل لك سابقاً أو وضعت نفسك في موقف يشبهه. لماذا؟ السبب هو أنه لا يمكن أن تشعر بشعور سلبي دون أن تكون هناك أولاً فكرة سلبية، تفكيرناً دائماً يخلق الواقع الذي سنعيشه، إذا بدأت تشعر بالضغط فإن هذا يأتي من فكرة معينة، مثلاً: يجب أن أنجز المهمة الفلانية قبل الوقت المحدد، تأخرت على موعدي، فلانة نسيت الشيء الذي أوصيتها عليه، إلخ. الأفكار هي التي تصنع التجارب والمواقف التي يمر بها ذهنك. التجارب السلبية والإيجابية كلتاهما تأتيان من طريقة التفكير. التفكير عملية تأتي من داخل عقل الإنسان، واعتقاد أن الظروف والتجارب خارجية حتماً شيء يزيد الضغط واليأس. مثلاً لو كنت عالقاً في زحام فلا تتسخط وتتبرم بل قل: جيد أنه أتتني لحظة لا أستطيع فيها أن أستعجل، وبما أني هنا فسأستمع إلى شيء يعجبني. إن الوقت الذي ستقضيه هو نفسه سواء غضبت أم رضيت! لكن طريقة تفكيرك هي الفيصل بين حالة نفسية سيئة وحالة نفسية إيجابية. هذا هو التسلسل: فكرة، ثم وعي، ثم مشاعر. تنشأ الفكرة، الوعي ينتبه لها، ثم تأتي المشاعر. في المثال الأعلى لدينا شخص يتورط في اختناق مروري فيتوتر ويغضب، فهنا أفكاره السلبية مرت بالوعي ونظر لها سلبياً ("كم أكره الزحام! أكره هذه المدينة! ليتني أصل لوجهتي أسرع!") إلخ ثم تحول هذا إلى مشاعر سيئة رفعت ضغط الرجل وأضرت نفسيته. الرجل الآخر في نفس الزحام ولديه وعي مثل الأول غير أن وعيه بتلك الأفكار لم يفرض عليه أي مشاعر سلبية، بل هو غيّر أفكاره، ذلك أنه أدرك أنه بدأ يفكر سلبياً فقرر أن لا يفكر بهذه الطريقة لأنها مجرد نظرة وليست واقعاً حتمياً، فقرر أن يهدئ سرعة الحياة ويستمع إلى كتاب صوتي، وهذا الإدراك هو الذي جعل التجربة إيجابية. إنك أقوى مما تعتقد في كبح الغموم والهموم، وهي ليست دائماً واقعاً لا مفر منه، بل في أحيان كثيرة تستطيع أن تروّضها لصالحك بأن تفكر في تفكيرك وتغير مساره إلى ما تحب.