تدشين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمشروع بوابة الدرعية في يوم الأربعاء الماضي كان خيالياً بالرغم من كونه حقيقة. حقيقة لم يتوقع السعوديون يوماً تبلور أفكارها في أذهانهم كمواطنين لمشروعات جبارة كتلك التي أعلن عنها ودشنت في بوابة الدرعية. لطالما كانت الدرعية كاسم ومكان وتاريخ ذات حضور وقيمة عالية لدى السعوديين عامة والرياض وسكانها بشكل خاص. طابعها التراثي وقصص أهلها وبطولاتهم التي انقضت على مر التاريخ سابقاً خلقت منها مدينة ساحرة مليئة بالكنوز والفنون الثقافية والتاريخية. سحر هذه المدينة يتجلى في اسم المشروع الذي احتضنته (بوابة الدرعية) وكأنها اختيرت بذلك لتكون بوابة للسعوديين ليعبروا منها لواقع أجمل مثلما كانت في زمان مضى بوابة للملك عبدالعزيز ليصنع من خلالها وطناً أسعد وأكثر استقراراً لم في شمل أبناء أرضه بعد أن شتتهم الحروب والنزاعات والفقر. هذه البوابة التي أعلن عنها هي رمز لمرحلة جديدة في حياة السعوديين ضمن برنامج التحول 2030. ففكرة مشروع بوابة الدرعية لها بعد ثقافي اجتماعي كبير جدير بأن ينوه له لأنها ستكون بإذن الله حضناً دافئاً وآمناً لجزء من ثقافة المملكة العربية السعودية المتنوعة من خلال الجامعة والأكاديميات المعنية بالثقافة والتراث التي ستقام فيها. الجهد المبذول في تصميم وإنجاز هذا المشروع هو المؤشر الدقيق الذي يظهر المكانة الحضارية التي تسعى المملكة العربية السعودية للوصول لها من خلال تراثها وثقافتها للحفاظ على هويتها ونقلها لأجيالها القادمة. فبالرغم من كل الجهود السابقة التي كانت تبذل للحفاظ على الإرث الثقافي للمملكة العربية السعودية والتعريف به خارجياً إلا أنها كانت في معظمها محدودة الأثر وصغيرة كمحتوى وكفكر وكبنية، عما أعلن عنه في هذا المشروع السياحي والثقافي الضخم. فاسم مدينة الدرعية الذي كان حتى سنوات مضت اسماً ذا طابع محلي محدود الأثر قد تحول إلى أيقونة عالمية للتميز والمنافسة بما احتضنته مؤخراً وستحتضنه في المستقبل من أنشطة ومشروعات متميزة. وما كان مستحيلاً لا يمكن تخيله في عقل ووجدان كل من علم بهذه المدينة أو مر بها في زمان مضى صار حقيقة تسابق الزمن لتضع بصمتها في سجل تاريخ الإنجازات السعودية ولتكون الحاضن المبشر لأحلام وطموحات وإنجازات أبنائها في جميع مناطق الوطن.