استطاعت الرسوم المتحركة في الزمن الجميل، أن تربي بداخل الأطفال الفضيلة وخلق الأحلام والنظر إلى الحياة بطريقة الكبار بعيدًا عن التفاهة والتسطيح أو العنف، كما بدأنا نلاحظه ونشاهده في هذا الوقت الذي لم يعد للرسوم المتحركة بريقها كما في السابق، في حين سكنت الرسوم المتحركة القديمة في ذاكرتنا وجعلت منا أطفالًا طيبين، يتعلمون كثيرًا من تلك الثقافات المختلفة التي تربي الفضيلة والسمو في النفس، فمن خلال "حكايات عالمية" تعلمنا كيف هو مصير الشر، وإلى أين يمكن أن يصل الكذاب في نهاياته التي يستحقها، في حين تأثرنا كثيرًا مع بشار "مغامرة نحول" النحلة، التي تبحث عن أمها وتزور أماكن عديدة لتلقي بتلك الأم التي حينما يتذكر حضنها نبكي معه، في الوقت الذي بقيت "فلونه" بكل تلك العفوية في جزيرتهم النائية في قلوبنا، ولطالما أحببنا مللها الدائم وحبها للطعام والمرح أكثر من العمل، إلا أن "سالي" تلك الفتاة الأنيقة والمهذبة التي قدمت لنا دروسًا في كيف يجب أن تكون الفتاة حينما تتلمس مشاعر الآخرين، وتحبهم وتقدم لهم المساعدة حتى وهي في أشد حالات الضعف، تلك التي ضربت لنا أجمل مثل لتقلبات الإنسان وتغير حياته من الغناء إلى الفقر الشديد وكيف يتغلب على تلك الظروف، وفي مقابل ذلك استطاعت الرسوم المتحركة القديمة أن ترسم لنا كرة القدم بشكل إنساني تتصدر فيها الأخلاق على التفوق، كما تابعنا ذلك في "كابتن ماجد" الشاب الذي وجدناه يتميز بكرة جميلة ومميزة، ولكن بأخلاق المرء التي يجب أن يتصف بها اللاعب المحترف. جميع تلك الرسوم المتحركة ربتنا على عديد من القيم، ونمت فينا أحلامًا صغيرة كرغبتنا في أن نزور تلك المروج الخضراء التي يسكنها وهي كوخ صغير، ونشاهد رعي الغنم كما عاشت "هايدي" في جبال الألب، إلا أن تلك الرسوم المتحركة بقيت بداخلنا إلى أبعد من ذلك في التأثير، فالصدق والمحبة والأمل تعلمناها منها في الوقت الذي أصبحت الرسوم المتحركة اليوم تسرد لنا حكايات العداء والعنف والرغبة في تدمير المنافس، من خلال سلوكيات لا ينبغي للطفل أن يتلقاها من خلال شاشته الذهبية "التلفزيون"، التي تسرب له رسائل أخلاقية ونفسية يصعب عليه أن يتفلت من تأثيرها إذا لم يتم التنبه لها، فأين وصلت تلك الرسوم الكرتونية القديمة التي افتقدناها كثيرًا، والتي لطالما رغبنا أن تقدم لنا أفلام الرسوم المتحركة اليوم الإنسان الجميل في القالب الحكواتي المؤثر على عالم الصغار. يجدر بالقنوات الفضائية ولا سيما العربية منها أن تنتقي رسومها المتحركة، وأن تدرك خطورة محتواها على ذائقة وأخلاقيات الطفل، يجب أن تعود الفضيلة كما لمسناها في شخصيات رسومنا الكارتونية المحببة، وأن تفعل القنوات الفضائية ذلك قبل أن يتحول "الطفل" إلى رسوم متحركة برسوم كارتونية لا ترتقي لمستوى الأخلاق والقيم.