سهلت وسائل التواصل الاجتماعي، التفاعل بين البشر بمختلف فئاتهم، وألغت حواجز المسافات بينهم، فأصبحوا يتبادلون الآراء والثقافات والأفكار، ومتابعة آخر الأخبار على الساحة، وتطورات أحداثها عبر ضغطة زر بسيطة، بل طغت هذه المنصات الإعلامية على كثير من وسائل الإعلام التقليدية، حتى صارت جزءًا من الحياة الاجتماعية لكثير من الناس تؤثر فيهم بشتى الطرق. ومع هذا الانتشار السريع لهذه الوسائل، ظهر ت في المجتمع مجموعة من المؤثرين، وأطلق عليهم مشاهير التواصل الاجتماعي، وباتوا مع الوقت أصواتًا مسموعة، ولديهم قاعدة جماهيرية عريضة، عبر مواقع وحسابات متوافرة للصغير والكبير دون استثناء. ويسهل متابعتها من خلال الأجهزة الذكية، ولها تأثير قوي مباشر وغير مباشر في المتلقي سلبًا أو إيجابًا. ولكن - مع الأسف - أصبحت الشهرة هاجسًا عند كثيرين، لكونها أسهل طريق لتحقيق الكسب المادي السريع، وظهرت بالتالي نوعية مختلفة من الناس همهم البحث عن الشهرة أو زيادة متابعيهم سريعًا، فخرج كثير منهم عن المألوف بتعليقاتهم وأخبارهم والصور التي يقومون بنشرها، ينتقدون هذا، ويؤيدون ذاك، ويتناولون موضوعات مختلفة ما بين الفكر والسياسة، حتى إن بعضهم يخوض في المسائل الدينية دون وعي أو معرفة عميقة بها، وهذه الطرق قد لا يتبعها فقط المغمورون الذين يسعون إلى الشهرة وكسب المتابعين، بل أصبح نهجًا يتبعه بعض المؤثرين والمشاهير، الذين يملكون محتوى غير متجدد، إما بهدف طرد الملل الذي قد يصيب متابعيهم، وإما لكسب متابعين جدد، وهي خطة تسويقية ناجحة في هذا الوقت. نحن نتعامل مع ظاهرة جديدة في مجتمع استهلاكي ربما يقبل على أي شيء يصله عبر هذه الوسائل، وكثيرًا ما سمعنا وقرأنا عن تجاوزات من هؤلاء المشاهير في التعريف بمنتجات وتكون المعلومات عنها غير دقيقة، أو الجودة فيها ضعيفة أو مغشوشة، أو أنها على الأقل مبالغ فيها، أو لم يتم التوثق من مصداقيتها، مستغلين ثقة الناس بهم، فيعتقد من يتابعهم أن ما يعرضونه هو الأفضل، ليفاجأ بعد صرف المال والاستخدام أنها خلاف ما تم الترويج له. وهنا يأتي الدور الرقابي من الجهات المعنية، خاصة وزارتي التجارة والإعلام، ووزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء فيما يتعلق بالإعلانات المدفوعة لدعم دواء بعينة، أو وصفة محددة. فهل يكون هَمُّ هؤلاء المشاهير زيادة عدد المتابعين أكبر من همهم في توعية المجتمع وتقديم القيم الجميلة فيه؟