في الأسبوع الماضي عاشت الرياض تجربة مثيرة واحتفلت بطريقة استعراضية لفتت الأنظار بقوة لسكانها ولكل من جاورها أو هو مهتم بشأنها. هذه التجربة أجابت عن أسئلة كانت تتداول في سنين مضت، وأثارت أسئلة أخرى جديدة أشغلت المجتمع المحلي وجعلته أمام مواجهة حقيقية ما كان يتوقع يوماً بأنه سيعيشها! وبشكل دراماتيكي أيضاً أشعلت مشاعر متناقضة ما بين سعيد ونادم على سنين عمره التي مضت، وآخر ساخط أو متذمر، ولم يخلُ الأمر من حس الفكاهة الذي يتبناه السعوديون منبراً لقضاياهم في السنوات الماضية وأبدعوا فيه كمتنفس وتسلية في أحوال وكصوت لرأي في أحوال أخرى. الشاهد فيما عاشته الرياض في أسبوعها الماضي بأن الكامل لا يكمل إلا إذا كان فيه بعض النواقص. من الصعب الحكم من أسبوع واحد لكن البداية تعطي دائماً انطباعاً قوياً عما سيكون عليه الحال في الأسابيع التي ستليه. التجربة نجحت في بدايتها كان بها بعض الملاحظات وذلك أمر متوقع فلا توجد هنالك تجربة كاملة في بدايتها لكن، هنالك أمور من الأفضل أن يحسم أمرها في بدايتها، خصوصاً وأنها في أساسها تداعيات لتراكمات سابقة! منها على سبيل المثال ما تداوله المجتمع السعودي من مقاطع لتصرفات غير مسؤولة من الحاضرين لفعاليات افتتاح موسم الرياض والأيام التي تلتها، والتي أظهرت وبشكل بشع نافورة الرياض الجديدة وهي تغص في أطرافها ببقايا ونفايات بعض الزائرين لها، وكأننا لسنا ننتمي لمجتمع مسلم يهتم بالنظافة والحث عليها مبدأ يرتقي لدرجة الإيمان. تلك المناظر المؤسفة مصدرها سلوكيات متراكمة نعيشها في مجتمعنا وفي معظم المجتمعات العربية مع الأسف التي لا تحترم مبدأ النظافة في الأماكن العامة وتكتفي بتطبيقه في محيطها الخاص أو داخل منازلها. ليست هي المرة الأولى ولن تكون الأخيرة مع أني أتمنى أن تكون كذلك الذي ستثار فيه هذه القضية المخزية مع كل تجمع بشري، في الحدائق العامة، في المتنزهات البرية، على الشواطئ وفي الشوارع والأماكن السياحية. بدون خجل ترمى البقايا أو تترك وراء من استخدمها دون وعي أو حياء وكأننا لم نقرأ يوماً في تعاليم ديننا شيئاً عن هذا. نرى أمامنا من يفعل ذلك الفعل المخزي ونتكاسل أو نخاف من أن نوجهه ونطالبه برفع بقاياه وإماطة أذاه عن الآخرين مع أنها صدقة. نتوانى عن إنكار المنكر وهو أمامنا مع أننا لو اتحدنا في إنكاره لما تكرر وهذا من الأمر بالمعروف. نحن لسنا بحاجة لحارس ولرقيب في كل مكان نقصده لنمنع قليلي الحياء والكسالى من ترك فضلاتهم لو اتفقنا على أن نقوم نحن في كل وقت وفي كل مكان بإنكاره، اتباعاً لديننا وكواجب نحو وطننا وبيئتنا. كم هي الأموال التي يتكبدها الوطن وكم هي أعداد العاملين على إزالة هذه البقايا المتروكة؟ لو أننا اتفقنا على الحزم في إنكارها في حال وقوعها من أي طفل أو مراهق أو شاب أو كبير أو حتى كهل وأجبرنا من يتركها على تنظيفها كما هي الحال في بعض الدول التي ارتقت بارتقاء مجتمعاتها، لما تكرر المشهد ولا استمر.