لا ينتهي الحديث عن كون التطوع أحد الأعمال الإنسانية الرائدة في الحياة، وقد جاءت كثير من الكتب ومن المحاضرات والندوات والعديد من المنتجات الصوتية والمرئية عبر جميع وسائل الاتصال الإنساني لتتكلم عن أهمية التطوع في حياة الإنسان أياً كانت ديانته أو عقيدته أو جنسيته، وذلك لأن التطوع خصلة إنسانية فريدة لا يستطيع عليها إلا الأشخاص الذين يجدون في أنفسهم القوة على خدمة مجتمعاتهم والأفراد الساكنين فيه بنبل ورُقي. وأخيراً بدأ الكثير من المنتمين إلى عالم التجارة والأعمال المالية، والذين لهم تداخل مع الأعمال المجتمعية بشكل أو آخر، بدأوا يتلاعبون على مشاعر الشباب والشابات، وذلك باستغلال جهودهم وأوقاتهم في خدمة أعمالهم التجارية التي تعمل على زيادة أرباحها المالية بشكل لا إنساني عبر بث الحماسة للتطوع في أعمالهم التي يتبنونها. وفي موسم الرياض الحالي الذي تقيمه الهيئة العامة للترفيه، ظهر هذا الوجه القبيح جداً، وبكل صفاقة، والذي كان في فترات ماضية يتخفى بشكل مدهش خلف الفعاليات المنتشرة في كل مكان، ولكن مع هذا الظهور المحزن، إلا أن هناك وعيا مقابلا خرج ضد هذا الوجه الاستغلالي للناس، هذا الوعي، هاجم وبشراسة وشجاعة غير مستغربة وخصوصاً من القادة والقائدات المتمرسين في هذا المجال في وسائل التواصل الاجتماعي. حيث حذروا فيه من عدم التطوع في أي عمل تجاري، وتكلموا على أهمية رفض هذا الموضوع جملة وتفصيلا. وقالوا إن التطوع يجب أن يكون في الأعمال التي ليس لها مقابل مادي وميزانية مالية وتعمل عليه شركات هدفها الأول الربح الكبير وزيادة رؤوس أموالها عبر توظيف الشباب في أعمالها بدون أتعاب مالية. الأمر الآخر الجيد في هذا الموضوع، أننا رأينا عبر الهيئة العامة للترفيه وجه جميل جداً للتطوع. حيث فتحت الهيئة موقعا متخصصا لاستقبال رغبات المتطوعين واستثمارها بالشكل الأمثل الذي يعود على المتطوع بالفائدة الكبيرة، من حيث ربط المتطوع بجهات متخصصة في هذا المجال، وبالتالي نقل تجارب الفعاليات العالمية باحترافية للشباب والشابات، وكذلك إمكانية توظيفهم في مواسم الترفيه القادمة إذا كانت أعمالهم متميزة. الذي أتمناه بصراحة في هذه المقالة، أن يعرف الشاب والشابة أن التطوع أفعال إنسانية راقية جدا، وأنه عندما يكون لديك الرغبة في بث طاقاتك بشكل إيجابي في الحياة، فإنه يتوجب عليك البحث عن المكان المناسب لإخراج هذه الطاقات. حيث إن هناك العديد من الأشخاص قد يستغلون حماستك تجاه هذا الأمر، وبالتالي تذهب سعادتك التطوعية في أحد أوجه الاستغلال القبيح.