من المفيد أن يكون الأمل حاضرًا في كل مناسباتنا؛ حتى الحزينة منها؛ لأن رفع الإيجابية يعزز قدراتك الكامنة والخاملة؛ سواء في وجدانك أو عقلك الباطن، ستدرك سر قوتك وعظمة قدرتك تتجلى في أصعب مراحل حياتك. إن الإنسان مجبول على هول الصعاب وركوب المهمات؛ اللتين تسيران به نحو الازدهار والكفاية الذاتية، من تحقيق حريته التي باركت له الطبيعة، فقد أرخت له كل شيء يريده حتى على حساب انتهاك مجرياتها الأرضية من تغيير المناخ البيئي أو فتح طرق وقنوات مائية جديدة، وغيرها من أمور سمحتها لنا، هذه الطبيعة الخلابة التي أوشكت أن ينفد صبرها منا، ولكن ما زالت تشفق علينا رغم أننا أكثر المخلوقات استهلاكًا وبذخًا في كل شيء في حياتنا. فالإنسان يستطيع تغيير نمط حياته كيفما شاء وفي أي وقت أراد، وبلا شك فهو سيد المخلوقات، يستطيع التحكم في نظامه الغذائي، وليست لديه فروقات في أكل اللحوم والخضراوات والحبوب.. إلخ من منتجات ذات صلة. بينما نجد الكائنات الأخرى لها نمط محدد من الطعام، فالنمور والسباع وغيرهما من المفترسات لا تأكل إلا اللحوم حتى لو جوعتها ووضعت لها حبوبًا أو خضراوات، فهي تفضل الموت على ألا تخترق ميزان حياتها، وعلى النقيض منها تلك الطيور الجميلة والعصافير الصغيرة، ليس بمقدورها أن تتكيف في أكل اللحوم حتى لو أجبرتها، فقانون الطبيعة عودها على شيء واحد من الحياة لتعيش به من الحبوب والذرة. ثم يأتي هذا المخلوق العجيب المتناقض في حياته والمتشكل في سلوكه، ظانًا أنه انفلت عن مدار الكون ونظامه المتكامل والمتجانس في هذا الفضاء الواسع من الفراغ. نعم، استطاع بنو الإنسان غزو الفضاء والهبوط على سطح القمر، وكلها وفق إرادة الطبيعة وقبولها لعقله أن يعمل ويبتكر أهم الخطوات التي تقوده لاتساع دائرته الفيزيقية، وأن يلج في أعماقها، ويتسرب في أحضانها، لعله يصل إلى أبعاد خارقة تمكنه من إدراك الحقائق وامتلاك مفاتيح الأسرار ومعرفة هذا الكون وغموضه. إنه إبحارٌ في لج العقل، فهذا العقل الجبار الذي يعطينا مساحة من التفكير يبحر بنا إلى مسافاتٍ كونية، ويمددنا بأقوالٍ ونُظم؛ يتطور بنا على حسب موقعنا الكوني بين أهازيج النجوم وصولات الكواكب. إننا نتجول في هذا العالم المتسارع، لا نشعر بسرعة دوران أرضنا وهي تسير بنا بين أقطار السماوات، لا ننفذ من هذا النظام حتى لو اخترقنا سرعة الضوء ووصلنا إلى أبعد نقطة، لن يتغير نظام حياتنا اليومي، فكل الذي تراه من التطور الصناعي والغذائي وسبل الراحة، ما هو إلا شكليات بسيطة طرأت علينا. فنحن أولًا وأخيرًا بشرٌ، فينا الحزن والتعاسة والفرح والسرور، وبين اليأس والتفاؤل أشياء وأشياء لعلك تكتشفها أو تراها.