تحت شعار «السعوية المُلهِمة»، أشار رئيس مجلس إدارة منتدى أسبار الدولي، الدكتور فهد العرابي الحارثي، عن استعدادات المنتدى لعقد دورته الرابعة لهذا العام 2019 (4-6 نوفمبر) وللسنة الرابعة على التوالي بمشاركة مجموعة كبيرة من الباحثين والخبراء المحليين والدوليين، وهذا الشعار يعبر عن الرضا عما تحققه المملكة اليوم من خطوات جرئية وناجحة، كما يعكس الطموح لمستقبل أكثر إلهاماً وابتكاراَ. وما يجعل من منتدى أسبار الدولي إضافة مهمة تساهم في تشكيل الرصيد المعرفي للدراسات والبحوث في الممكلة هو إهتمامه الريادي بالمستقبل والدراسات المستقبلية ذات الطابع العلمي، ومحاولة إستكشاف واستطلاع مستقبل القطاعات التنموية المختلفة على أسس علمية مثل البيئة والإسكان والأمن والاقتصاد والتعليم والصحة والطاقة وغيرها. وهو بذلك يقدم إضافات بارزة في تأصيل الاهتمام العلمي بالداراسات المستقبلية، وتوقعات تأثير التقدم على حياة الإنسان وفكره، من خلال دراسات ذات طابع مستقبلي تتمحور حول استطلاع حياة الأجيال المقبلة وهمومها. لقد أصبح استشراف المستقبل وتصوره هماً يشغل بال المنظمات الدولية والمعاهد العلمية والحكومات في كل أنحاء العالم، وتشهد الدراسات المستقبلية اليوم ازدهاراً يستقطب اهتمام المفكرين والمنظرين الاستراتيجيين بهدف توفير قاعدة واسعة من المعلومات وخلفية أكبر عن المستقبل. الممكلة ومن خلال رؤية 2030 وضعت قدمها على عتبة مرحلة جديدة تتميز بالطموح والتخطيط العلمي والعملي وبُعد النظر لعقود قادمة في سباق مع الزمن لتحقيق نقلة تنموية مدروسة وفق أسس علمية وتخطيط شامل فيما يمكن ان نسميه إدارة التوقعات وسيناريوهات المستقبل. والعرب بشكل عام في حاجة إلى مستقبليات ورسم سيناريوهات جديدة لمواجهة العصر الرقمي للأعوام القادمة من خلال الدراسات العلمية المعمقة وتفعيل دور البحث العلمي، وتطوير المناهج الدراسية للمؤسسات التعليمية بما يتواكب مع المستجدات والاتجهات الجديدة في عالم اليوم. ويمكن القول إن هذه هي مرحلة التأسيس لدراسة المستقبل، وتشكيل وبلورة صيغة معرفية نظرية على مستوى المنهج، وفي نفس الوقت مرحلة عملية على مستوى التصور والإعداد لدراسة المستقبل من خلال الاستشراف والتخطيط. ولكن المؤسات العلمية ومراكز الأبحاث وفي هذا المرحلة التأسيسية، يمكن أن تقدم على الأقل أجوبة مناسبة لأسئلة التنمية السياسية والاجتماعية والفكرية. وبلا شك، ستبرز تحديات كثيرة أمام واقع هذا الاتجاه، تتمثل في تحويل النظرية إلى تطبيق وممارسة عملية تتخطى عقبات التأخر وضعف الاهتمام بمؤسسات ومراكز الدراسات والأبحاث في البلدان العربية. مؤخراً كشف تصنيف مؤشر «نيتشر» لعام 2019 للمؤسسات العلمية في العالم عن زيادة معدلات نشر الأبحاث العلمية في عدد من المؤسسات بالدول العربية. وتوضح بيانات المؤشر الصادرة مؤخراً أنَّ جامعات المملكة ومصر بالأخص قدَّمت أداءً قويّاً، وأن إحدى الجامعات السعودية، وهي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، قد احتلت وحجزت مكاناً في قائمة أفضل مئة مؤسسة بحثية على مستوى العالم. احتلت المرتبة الأولى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) تليها بفارقٍ كبير في المركزين الثاني والثالث جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الملك سعود، والنتيجة التي حققتها (كاوست) تضعها في المركز الرابع على مستوى الشرق الأوسط. هذه الأرقام تدعو للارتياح، وتدل على توفر الكادر العلمي المؤهل، ويمكن لها مستقبلا أن تتبوأ موقعاً قياديّاً في البحث العلمي، وتبدأ في تضييق الفجوة بين الإنتاج البحثي العربي وإنتاج بقية الدول.