لم أكن الوحيد الذي هزه استشهاد الزميل والأخ الحبيب اللواء عبدالعزيز الفغم، بل إن الوطن من أقصاه الى أقصاه قد اهتز لفقد هذا الرجل المميز في كل شيء. عرفت الفقيد من خلال عملي كضابط للمراسم بالحرس الوطني (قبل تقاعدي) وجمعتني به عدة مناسبات في عهد المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز وكنت معجباً بشخصيته أيما إعجاب. الفقيد لم يكن مجرد حارس شخصي وضابط تشريفات كما هي الحال لدى كثير من دول العالم، بل كان يتصرف أكثر من تلك المهام الروتينية التي يقوم بها أمثاله عادة، فقد كان مميزاً بتصرفاته التي تنم عن ولاء منقطع النظير وكان يتصرف مع ولي أمرنا ووالدنا خادم الحرمين الشريفين كما يتصرف الابن البار مع أبيه اهتماما وحرصاً، ولن ينسى العالم أجمع حين جثا فقيدنا على ركبتيه كي يغير حذاء خادم الحرمين الشريفين في المطار وأمام أنظار العديد من رجال السلك الدبلوماسي والإعلام معطيا درساً للعالم أجمع في كيفية تعاملنا مع قادتنا ومدى حبنا وولائنا لهم. كان اللواء الفغم -رحمه الله- يتصرف بمهنية عالية حين يسير مع خادم الحرمين -يحفظه الله-. ومن خلال حضوري للعديد من المناسبات مع الفقيد -رحمه الله-، يشهد الله أني لم أسمعه يرفع صوته على أحد سواء من ضباطه وأفراده أو من الإعلاميين (خصوصا المصورين) في المناسبات العامة، كما كانت لديه قدرة عجيبة في متابعة ومراقبة خادم الحرمين الشريفين خوفا من أن يحتاجه في أي لحظه، وكذلك متابعة خط سير الملك -حفظه الله- حين يسير على قدميه مع مراقبة من يسيرون حوله، كل ذلك كان يشكل ضغطا نفسيا وذهنيا كبيرا كان يتحمله فقيدنا بكفاءة عالية مؤكدا أن ثقة خادم الحرمين الشريفين فيه كانت في محلها. وقبل أن أختم مقالتي عن فقيد الوطن أذكر موقفا حصل بيني وبين الأخ الدكتور نواف الفغم (شقيق فقيدنا الكبير) عضو مجلس الشورى سابقا وكان قبلها مديرا لمكتب جهاز الإرشاد بالحرس الوطني بالمنطقة الشرقية، إذ كان جزاه الله خيرا يتكرم بالمرور على مكتبي بالحرس الوطني كلما سنحت له الفرصة وبعد تقاعدي لم ينقطع حبل التواصل بيننا -ولله الحمد-، وأذكر أنه في آخر لقاء تم بيننا قبل ترقية الفقيد إلى رتبة لواء، قلت له آمل أن تنقل رسالة للأخ عبدالعزيز؟ فقال: أبشر؛ أنقلها بإذن الله ولكن ما هي الرسالة، فقلت له: أتمنى منه ألا ينسى قراءة المعوذات لعل الله أن يقيه شر من فيه شر، فابتسم أبو بداح وقال تصله بإذن الله. ولأني متيقن من أن دكتورنا الفاضل أوصل الرسالة، فهل نسيها فقيد الوطن في تلك الليلة الحالكة السواد والتي حضر فيها الشيطان وكان ما كان؟ الحمد لله على قضائه وقدره. رحم الله فقيدنا وألهم والدنا وقائدنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وأسرته الكريمة والوطن الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.