تمر الأمة العربية والإسلامية في هذه الأوقات بمنعطفات خطيرة وبظروف عصيبة وسيناريوهات شتى تستهدف تمزيقها والنيل من مقدراتها ونهب ثرواتها.. كل هذه الأحداث المتتابعة الملتهبة من حولنا تفرض علينا وبإلحاح ووعي عميقين وتحتم علينا مسؤوليات جسام وواجبات وطنية فاعلة ومضاعفة فحواها ومؤداها أن نقف صفاً واحداً ويداً واحدة، وأهم من ذلك كله الإرادة الواحدة، وهذا يترتب عليه أن نظل متيقظين أمام أي محاولات مفاجئة تستهدف أمننا واستقرارنا أو تستهدف مكتسباتنا الحضارية التي وطدنا أسسها وبنيناها في ربوع وطننا الشامخ المهيب بفضل تعاوننا وتلاحمنا قيادة وشعباً حتى وصلت بلادنا إلى هذه المكانة المتقدمة في كافة مجالات الحياة الحرة الكريمة. إننا في هذه الظروف القاسية وأمام مد الأمواج المتلاطمة والأنواء الحالكة المتقلبة أحوج ما نكون من أي وقت مضى إلى التمسك بعرى الوحدة الوطنية التي هي صمام الأمان لأمتنا وهي السياج المتين الرفيع المنيع الذي يحمي مكاسبنا ومستقبلنا ويؤمن بتوفيق الله وعونه الحياة السعيدة لنا ولأجيالنا في الحاضر والمستقبل. إن اجتماع الكلمة ووحدة الصف ولزوم الجماعة ونبذ الفرقة والانضواء تحت مظلة التعاون والتكاتف والشعور الوطني المشترك في تحمل المسؤولية هي أمور كلها بإرادة الله من أسباب النجاة أمام زحف الفتن ومؤامرات وخطط الطامعين وتجار الحروب وكيد الحاسدين الحاقدين المتربصين.. إنه في هذه الظروف المتقلبة وأمام هذه الهجمات الشرسة وإن تدثر بعضها بمسميات براقة خادعة مثل التوازنات السياسية أو التحالفات الدولية فإن الهدف منها أولاً هو كسب المصالح المختلفة المكشوفة حيث تتخذ لنيل مآربها طرفاً - ميكافيلية الغاية تبرر الوسيلة. والوسيلة إلى نيلها هو أحياناً بهذه الحروب الإقليمية التي تستعر من حولنا أو قريب منا.. لذا فكلنا أمل ورجاء بأن نكون جميعاً في مثل هذه الظروف العصيبة قلباً واحداً وإرادة واحدة ضد هذا الطوفان الزاحف التي تسبقه عادة وتمهد له تلك الإشاعات المغرضة والتأويلات المضللة والتحليلات الساذجة الكاذبة.. نهب هبّة رجل واحد ونكشف معاً حبائل ودسائس المتربصين وشراك وخداع الطابور الخامس الذي يصطاد في الماء العكر ديدنه القيل والقال وبث الأراجيف مستفيداً من مصائب الآخرين لنيل مآربه مستغلاً أحداث الأيام المتقلبة مدفوعاً بحقده الدفين المراكم لنفث سمومه القاتلة.. وهنا نقول إن الوطن الغالي هو وطن الجميع والهوية واحدة والرغد والاستقرار والأمن لنا جميعاً وفي سبيلنا.. فهل نعي الأخطار من حولنا ونستلهم العبر والدروس متلاحمين من أجل صدها لنظل دائماً في مرفأ الأمن والأمان والعز والازدهار.. هذا ما نرجوه ونتطلع إليه في هذا العهد الزاهر الميمون. تأبى الرماح إذ تجمّعن تكسُّراً وإذا تفرّقن تكسرت آحادا.