ويخلص واضعو الدراسة، بحسب المجلة، إلى أنه "ليس من المهم أن تبدأ الأفلام أو تنتهي نهاية سعيدة، فالمهم هنا هو أن المشاعر تتغير بشكل متكرر". بالنسبة لنا، كنقاد ومحللين للسيناريو الفني، يمكن القول إن التقلبات المتكررة في المشاعر التي أشارت إليها تجارب الذكاء الاصطناعي الأخيرة، يقابلها عمليًا من عناصر السيناريو، الصراع الدرامي، الذي يعد سر الجاذبية والتشويق اللذين يجعلان الجمهور مشاركًا مهمتًا بالأحداث، وبمقدار ما تكون هذه التقلبات دراماتيكية، بمقدار ما تخلق ما نسميه "التوتر الدرامي" وهو أيضًا يعد لاعبًا أساسيًا في لعبة التشويق الدرامية. على هذا النحو، يمكن القول إن باحثي الدراسة، وعبر ما وضعوه من خوارزميات للذكاء الاصطناعي في تجربتهم الأخيرة، أبدوا تفهمًا لتكنيك بناء السيناريو الفني العميق والمؤثر، للتفسير النفسي لسيكولوجيا المشاهدة وما يفضله الجمهور، والسؤال الأهم الآن هو: إلى أي حد يمكن التعويل بالفعل، بنتائج هذه الدراسة، على الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بمستقبل عرض أي إنتاج سينمائي وحظوظه في شباك التذاكر، في مرحلة ما قبل الإنتاج...؟ أصحاب الدراسة، وبحسب مجلة "Science"، كانوا قد اختبروا تجربتهم من خلال تطبيق دراستهم على ملخصات قصص ل "42306" أفلام من جميع أنحاء العالم، تم جمع كثير منها من "ويكيبيديا"، كما اعتمدوا تصنيفات الأفلام من موقع "Rotten Tomatoes" لمقارنتها بنتائج دراستهم، إلا أن الباحثين أنفسهم، أكدوا أن أبحاثهم هذه ليست كافية حتى الآن للتنبؤ بدقة بمستقبل الأفلام وتحديد أي منها سينجح في شباك التذاكر، ولكنها بالتأكيد خطوة على الطريق الصحيح نحو تحقيق هذا الهدف. ما بلغته تجارب الذكاء الاصطناعي في هذا السياق، يمكن القول إنه يعادل بنتائجه إلى حد كبير ما يقدمه - عادة - الخبراء الاستشاريون في شركات الإنتاج الفنية، الذين يقومون بقراءة النصوص الدرامية وتحليلها، وتقديم توصية حول إنتاجها أو عدمه. ما ينقص هذه التجارب لمساعدة المنتجين على تحديد الأفلام التي ستنجح في شباك التذاكر، على نحو يتجاوز عمل مستشاريها من خبراء السيناريو، هو تطوير خوارزميات تعمل على سيكولوجية المُشاهدة، على نحو موازٍ لعملها على حكاية الفيلم وحبكتها، فالثابت المتحول الذي لا يمكن لنا إسقاطه من أي حسابات إنتاجية هو أن الجمهور يريد الأفلام التي تلامس مشاعره، وتشبع رغباته، وتلبي دوافعه.