ما أجفُّ مكان على وجه الأرض؟ أعرف إجابتك: ستذكر الصحراء عموماً، ربما صحراء معينة كالربع الخالي، لكن إجابتك خاطئة، فأجف مكان لن تتوقعه: القارة القطبية الشمالية المعروفة باسم أنتاركتيكا. شيء غريب! كيف يكون هذا أجف مكان وهو يمتلئ بالجليد؟ إن الصحراء تُعرَّف أنها مكان يستقبل ما لا يزيد على 10 بوصات من المطر كل سنة، والصحراء الكبرى في إفريقيا مثلاً تستقبل فقط بوصة من المطر في السنة، نفس المعدل الذي تستقبله أنتاركتيكا، بل إن 2 % منها - وهي منطقة تسمى الوديان الجافة - لا تستقبل أي مطر إطلاقاً، وليس فيها ثلج ولا جليد. إنها منطقة من قسوتها صارت اختيار ناسا لتجربة مركبة فايكنغ المتجهة للمريخ، لأن سطحه شديد القسوة مثل أنتاركتيكا. وحيث يوجد الموت والجفاف توجد الحياة والأمل، فأنتاركتيكا فيها 70 % من الماء العذب في العالم على هيئة جليد، وهي أيضاً أرطب منطقة في العالم! والماء أساس الحياة متجمد في أنتاركتيكا غير أنه يظهر بطرق قاسية أخرى، واسأل أهل منطقة كيريتشو في كينيا. أهل هذه المنطقة يحتاجون الماء مثل أي كائن حي لكن يهابونه إذا ظهر بالصورة التي تعودوا عليها: بَرَد. هذه المنطقة أكثر مكان ينزل عليه البَرَد في العالم، بمعدل 132 يوماً في السنة. لماذا هذه المنطقة بالذات؟ لا أحد يدري، لكن من التوقعات أن السبب هو.. الشاي! هذه المنطقة تحوي مزارع الشاي الكيني، ودراسة وجدت أن المخلفات الطبيعية لتلك المزارع تتبعثر في الهواء وتشكل نَوى يتجمع حوله البرد. والبرد كان شيئاً ممتعاً في طفولتي لما نزل بشكل معقول، لكن يضر إذا اشتد، فمثلاً أضخم حبة برد سقطت على أميركا كان وزنها نصف كيلو. لحسن الحظ سقطت على مزرعة وإلا لقتلت رجلاً بسهولة، خاصة أنها تسقط بسرعة 160 كم\س. البرد يكلف الدول كثيراً، فأميركا تتكبد من خسائره مليار دولار سنوياً، وعاصفة بردية في ميونيخ العام 1984م كلفت مليار دولار أضراراً في 3 ساعات فقط: 400 مصاب، أشجار سُلِخ لحاؤها، مساحات ضخمة من المحاصيل سُحِقَت، ضرر بالغ أصاب 250 ألف سيارة و70 ألف مبنى. اتقِ شر الماء إذا غضب!