لا يزال أمر إخفاء اتحاد الكرة لسجل تاريخ بطولات الدوري السعودي لغزاً محيراً وغير مفهوم، ذلك أن كل بطولات الدوري في العالم تحظى باهتمام من حيث إبراز تاريخها في كل المناسبات، من أجل منح كل الفرق حقها التاريخي، لكن المسألة ليست كذلك على ما يبدو لدى اتحاد الكرة بقيادة ياسر المسحل، وهو ما يمكن اعتباره مؤشراً سلبياً على عمل الاتحاد المستقبلي. ربما يسأل البعض عن الربط بين مسألة تاريخية وبين العمل المستقبلي للمنظمة المسؤولة عن كرة القدم، فأقول: إن الكرة السعودية عانت في العقد الأخير من تعاقب اتحادات تخشى الأندية والإعلام والجماهير، حتى أصبحت أضعف منها وعاجزة حتى عن تنفيذ برامج المنتخبات السنية بسبب عدم تجاوب الأندية معها، ما تسبب في الكثير من المشكلات على مستوى المسابقات المحلية والمنتخبات بفئاتها كافة. ومحاولة تجاوز إبراز تاريخ الدوري السعودي الذي انطلق موسم 1976 ليس إلا علامة على أن الاتحاد الذي يقوده الشاب والإداري الرياضي ياسر المسحل يخشى غضب أطراف معينة، ربما تسبب المزيد من المتاعب الإعلامية والجماهيرية له ولاتحاده. يُقال: "إن الأيدي المرتعشة لا تقدر على البناء"، واتحاد الكرة الموقر ارتعشت يداه عند الحديث عن الماضي، وهو هنا يضع المزيد من التشكيك في قدرته على تنفيذ برامج وخطط تهدف لارتقاء الكرة السعودية، ووضع بصمة حقيقية في المقبل من الأيام. أما رئيس رابطة دوري المحترفين الإعلامي السابق مسلي آل معمر فقد كان يسعى للخروج من المأزق وعدم التسبب بغضب أطراف كان هو ذاته محسوباً عليها، وتحديداً نادي النصر، حين قال: "اسألوني فقط عن دوري المحترفين"، وكأن الإعلامي والكاتب السابق نسي أن التاريخ لا يُجزأ. المثير للاستغراب أن نسمع رأياً إعلامياً من بعض الأسماء التي لطالما تحدثت ونظّرت عن المهنية، وهي تقول إن توثيق التاريخ من مسؤولية الاتحاد السعودي وليس الإعلام، وكأن الإعلام بنقله للأحداث طيلة العقود الماضي لا يُعد مرجعاً رسمياً لتوثيق الأحدث إن الرياضية أو غيرها، وهنا أتذكر أنني زرت متحفاً أنشأته الولاياتالمتحدة لتوثيق وإبقاء ذكرى أحداث ال11 من سبتمبر في الأذهان، وكان توثيق تلك الحادثة الإرهابية من خلال زاوية تضم كل ما كُتب وقيل وتم بثه من تغطيات عن تلك الحادثة في الإعلام، وبمختلف اللغات والصحف الأجنبية. أخيراً، لن يُطمس تاريخ الدوري السعودي ولن تُطمس كل الشهادات الموثقة إن بالصمت والتجاهل أو بمحاولة تقسيم وتجزئة التاريخ، ولا حتى بمحاولة مطالبة الإعلام بالكف عن التساؤل في ظل الصمت المطبق لاتحاد الكرة، الذي أظنه لن يذهب بالكرة السعودية في ظل خوفه من فتح ملفات التاريخ فضلاً عن بناء المستقبل.