في جدة، عرضت مسرحية الملك لير ليحيى الفخراني. حضرت مسرحية للفنان الجميل يحيى الفخراني في القاهرة قبل سنوات كثيرة، وأعرف عبقريته في المسرح التي تشبه عبقريته في التلفزيون. لم أعرف عن المسرحية سوى في وقت متأخر، لذلك حين حاولت الحصول على تذكرة، كان الأمر مستحيلا. لم يكن بالنسبة لي مستغربا أن يكون الحضور في الحفلات الغنائية الأجنبية بهذا الزخم، لكن مسرحية لشكسبير، كان ذلك مفاجأة جميلة. في الطائف، بدعوة جميلة من هيئة السياحة ذهبت في اليوم الأول من أغسطس بداية الموسم لأشاهد ما فاتني أن أحضره في جدة، موسم من مواسم السعودية. كنت غافلة حتى ذلك الوقت عن مفهوم الموسم، وأدركته حين ذهبت إلى الطائف، ليس الأمر مهرجانا أو ترويجا للسياحة، ما رأيته أكثر من ذلك وأعمق، عرس وتحول ثقافي ما رأيت. لم يكن الوقت كافيا، كان الأمر وكأني أمام بحر أريد أن أعوم فيه لكن لم أستطع سوى أن أبلل أصابعي بمائه. أربع فعاليات هائلة كانت تقام بالطائف، ذهبت إلى اثنتين، قرية ورد، وسوق عكاظ، وفاتني مهرجان الهجن والهايكنج. في قرية ورد دخلت إلى متحف تصنيع الورد، سرت في الحديقة أشعر بالجمال والموسيقى تحيط بي من كل الجوانب. الناس سعيدة تشعر بالاسترخاء وكأنها مغمورة بسحر الحديقة، وكل ما يجري فيها، عروض وورد وفن، وأنا أمشي كانت هناك مجموعة من الفتيات تحملن الكمنجات وتسرن إلى حيث سيقدمن عرضهن الموسيقي، لم أتمكن سوى من تحيتهن، لم أحضر العرض لكن يكفي أن تشاهد المنظر الذي وحده كان عرضا، أقصد هذا الجمال الذي يرتدي الأبيض ويسير بخفة الورد وهو يحمل الموسيقى. في عكاظ المكان الشاسع، الذي يحتاج إلى أسبوع كي تتمكن من استيعاب كل فعالياته، أمضيت أنا بضعة ساعات. اشتريت من سيدة سعودية حقيبة من القماش صنع يديها، وأحملها الآن فخورة بها، ويبدي الأجانب إعجابهم بها وأقول لهم صنعتها سيدة سعودية؛ ووقفت أستمع إلى الشعراء الذين ينتشرون في الساحات، يرتدون التاريخ ويسمعونك أبياتاً للشعراء الذين يتمثلونهم. أمام شاشات ضخمة وقفت أستمع إلى المعلقات، شاهدت خيمات الشعر، ورأيتهم يستعدون لعرض الخيول. زرت الدول العربية التي انتثرت في عكاظ، والتي حملت كل منها روح المكان الذي أتت منه، مصر بمرحها وضجيجها، البحرين بعراقتها وهدوئها، لبنان بأناقتها، الإمارات بشموخها، أما السعودية، لا يوجد اختصار للحنين والحب. تمكنت ختاما من الوقوف للاستماع إلى الموسيقى من فرقة سعودية يغنون الأغاني التي أعشق. الفعاليات في الطائف مذهلة.. ما يحدث في بلدي مذهل.. المواسم ثقافة وفن؛ وأنا بللت أصابعي بهم.