سئلت كثيرا عن الطريقة المثالية لقياس الضغط سواء في المنزل أو عند زيارة الطبيب لأن قياس الضغط يجب أن يكون دقيقا ومثاليا.. فإهمال (ارتفاع) 5 ملم من الزئبق قد يؤدي إلى عدم رصد مرضى ضغط حقيقيين وبالتالي زيادة تعرضهم لجلطات القلب والدماغ مستقبلا.. وفي المقابل إهمال (انخفاض) 5 ملم من الزئبق على أي قياس قد يشخص خطأ أناساً كثيرين بمرض الضغط.. ويعرضهم لمضاعفات الأدوية وتكاليفها المادية وازدحام عيادات القلب والباطنة من دون داع وتأخير رعاية المرضى الحقيقيين.. ولذلك يجب علينا توخي الدقة في قياس الضغط ومعرفة تفاصيل قياسه وأسرارها وهناك أخطاء شائعة تحدث عند قياس الضغط سواء في البيت أو العيادة من المرضى أنفسهم أو من الممارسين الصحيين في المستشفيات، وسنقتصر في هذا المقال على شروط الطريقة الصحيحة لقياس الضغط بجهاز الزئبق الذي لا يعتبر صعب الاستخدام ويمكن استخدامه من قبل غير الممارسين الصحيين وهناك شروط تتعلق بالمريض وشروط تتعلق بطريقة القياس. شروط للمريض يجب أن يكون المريض هادئا وليس منفعلا نفسيا وفي غرفة معتدلة الحرارة (ليست شديدة البرودة كما في بعض المستشفيات أو شديدة الحرارة وإنما تكون درجة الحرارة في حدود 25 درجة مئوية)، ولم يدخن منذ ثلاثين دقيقة على الأقل، ولم يتناول أي قهوة أو شاي خلال الأربع ساعات الماضية، وليس مجهد البدن بطلوع الدرج أو اللحاق بموعده في العيادة على عجل من المواقف.. كما يجب عليه عدم التحدث عند قياس الضغط والصمت تماما لأن التحدث منه أو إليه يرفع الضغط، كما يجب عليه ألا يقيس ضغطه وهو ينازعه الأخبثان بمعنى يجب أن يكون قضى حاجته وأخلى مثانته قبل قياس ضغطه لأن المغص وألم المثانة يرفعان الضغط، كم يجب عليه أن يرتاح خمس دقائق ثم يقيس ضغطه بشرط ألا يكون هناك إزعاج صوتي أو نظري، ومن المهم كذلك ألا يسمح بقياس ضغطه وهو يلبس ملابس ثقيلة على ذراعه لأن طيّها ورفعها يعمل حاجزا ضاغطا للدم ويقلل وصوله لجهاز القياس وبالتالي يعطي انطباعا خاطئا بانخفاض الضغط عن قيمته الحقيقية. ومن الشروط كذلك أن يكون جالسا مسنود الظهر فعدم سند الظهر يرفع الضغط بحوالي 8 ملم من الزئبق، وأن تكون ذراعه مسنودة أيضا ضد الجاذبية بطاولة أو مخدة أومتكئ بحيث يكون منتصف العضد على نفس مستوى منتصف القلب وهي نقطه تقع بين القص الأمامي والخلفي على مستوى تحت الضلع الصدري الرابع، وأن يكون غير متقاطع الأرجل وليس مستلقيا ولا قائما.. وقد رأيت عددا من المرضى يتحايل على طبيبه بقياس الضغط أثناء استلقائه على السرير مما يعطي قراءات خاطئة منخفضة. شروط جهاز الضغط يجب أن يكون طول مثانة جهاز الضغط تغطي على الأقل 80 % وعرضها 40 % من محيط ذلك العضد لأن قياساته تختلف بين السمين والنحيف والمتوسط والطفل.. فأخذ جهاز قياس صغير جدا لعضد كبيرة الحجم يعطي انطباعا خاطئا بارتفاع الضغط الشديد كما أن أخذ مثانة جهاز الضغط كبيرة الحجم لعضد صغيرة ونحيلة يعطي انطباعا خاطئا بانخفاض الضغط ولذلك أغلبية أجهزة الضغط تأخذ متوسط طول المثانة 30 سنتيمترا وعرضها 16 سنتيمترا للإنسان البالغ.. ثم توضع المثانة ثلاثة سنتيمترات فوق مفصل الكوع (من جهة الأمام) وتلف حول العضد بدرجة متوسطة بحيث يمكن إدخال إصبعين بسهوله تحتهما.. ثم يضع السماعة على مفصل الكوع من الأمام (إلى جهة الجسم قليلا) لسماع الشريان بوضوح.. ولا يقوم بالضغط على السماعة بقوه لأن ذلك يؤدي إلى ظهور أصوات مرور الدم مبكرا وبالتالي يؤثر على دقة القراءة.. ثم يقوم بتملئة المثانة بالهواء مع تحسس شريان اليد التي يقيس منها حتى يختفي النبض ثم يقوم بعد ذلك بإنزال الضغط تدريجيا 2 - 3 ملميمتر من الزئبق لكل نبضة قلب حتى يسمع صوت نبضات شريان العضد بوضوح وذلك ما يسمى أصوات كورتاكوف المرحلة الأولى وهي تدل على الضغط الانقباضي فلو سمعها على رقم 130 ملم من الزئبق لأصبح قياس ضغط المريض الانقباضي 130 ثم يُنزل (بضم الياء) تدريجيا في ضغط المثانة حتى تختفي أصوات كورتاكوف نهائيا، وهذا ما يسمى الضغط الانبساطي فمثلا لو اختفت عند80 ملم من الزئبق لقلنا إن الضغط الانبساطي هو 80 ملم زئبق وبالتالي يصبح ضغط المريض 130 على 80 وهناك مشكلة يتعرض لها البعض، وهي أن الأصوات لا تختفي نهائيا إلا عند 10 أو 15 وعند ذلك تؤخذ أصوات المرحلة الرابعة (الخفيفة جدا) كدلالة على الضغط الانبساطي. ملاحظات مهمة أولا: بعض المرضى تكون أول قراءة عالية جدا وذلك بسبب خوفه فينصح بتركه دقيقتين ثم إعادة قياس الضغط مرة ثانية ثم دقيقتين ويعاد مرة ثالثة ويؤخذ متوسط الثانية والثالثة وتترك القراءة الأولى. ثانيا: هناك بعض كبار السن يعانون من ظاهرة (الضغط الكاذب) وهو ارتفاع الضغط بسبب تصلب شريان العضد بصورة كبيرة بحيث يحتاج إلى ضغط عال لإغلاقه ويظهر ذلك بوضوح عند تحسس الشريان بعد الوصول للضغط الانقباضي. ثالثا: يفضل علميا قراءات المنزل وخصوصا عند النوم وعند الاستيقاظ مقارنة بقياسه في المستشفى أو في العياده عند الطبيب. رابعا: لا تشد المثانة على العضد لأن ذلك يعطي قراءات خاطئة منخفضة ولا تجعلها مرتخية فتعطي قراءات مرتفعة. خامسا: لا تعد القراءات بسرعة وإنما انتظر من دقيقتين إلى خمس دقائق ثم أعد القراءة. وأخيرا.. فنشجع القارئ الكريم أن ينشر ثقافة قياس الضغط الصحيحة سواء بجهاز الزئبق أو الأجهزة الإلكترونية الحديثة التي تتوافق مع قراءات الزئبق بنسبة عالية حيث لا يتجاوز الخطأ فيها أكثر من 10 ملم من الزئبق إذا كانت معايرة ويتم فحصها تقنياً بصورة دورية. ينصح بعدم التحدث عند قياس الضغط