مهما كانت البيانات صغيرة أو حتى محدودة في مجال واحد تبقى لها أهميتها. وكثيراً ما أقول لمن يقلل من أهمية الأرقام والبيانات. لو قررت إقامة وليمة لأصحابك فإن أول سؤال يجب عليك إجابته كم عددهم؟! فعليه سيتحدد حجم مكان الضيافة والطعام المعد. وهذه الأهمية في دائرتك الصغيرة، فكيف بحال الحكومات ومؤسساتها ورسم استراتيجيات لعقود طويلة! من حولي يعرفون اهتمامي القديم بالأرقام وما يدور حولها من تحليل وتفكيك وعجنها بكل صورها علّ شيء منها يخرج لم يكن موجوداً على صورته الأساسية. محلياً، الجهات الحكومية ليست سواء في عرض بياناتهم فمن سهولة إتاحة الأرقام للعموم وتوفرها على مواقعها الإلكترونية دون التقدم بطلب لهم (وهو ما انصدمت به مؤخراً عندما طلبت أرقاماً من إحدى الجهات وأظنها لا تمتلكها فبدل الإجابة المختصرة (لا نملكها) ردت علي بملفات جُلها لا يرتبط بسؤالي ولم يجب عليه!) والأرقام تحتاج لكثير من الإتكيت للتعامل معها. فعرض هذه الأرقام يحتاج لمهارة ومن تجربة ليست كل الجهات الحكومية على ذات المستوى من المهارة في تقديمها وعرضها وهذه معاناة كبيرة لمن له اهتمام في الأرقام وإحصائياتها وعاش ومر بالتجربة عند حصوله على بيانات من الجهات الحكومية. سألني صاحبي مؤخراً من أفضل الجهات الحكومية في تقديم البيانات، فكرت وطال التفكير لساعات ثم عدت له في نهاية اليوم مؤمناً أن مؤسسة النقد السعودي (ساما) هي أفضلها ولا ينازعها في إتاحة البيانات وسهولة الحصول عليها وثبات طريقة عرضها أحد. خصوصاً أن المؤسسة فيها (ثقل) بعرض بياناتها ولم تصبها آفة إدمان الإنفوجرافيك والسناب شات مثلما تمكّنت في كثير من الجهات الحكومية للأسف! على أن تجديد وسائل العرض مطلب لكن الإسراف في استخدام الإنفوجرافيك والسناب شات والاستعانة بالمشاهير لعرضها دون وجود بنك معلوماتي متاح للعامة على موقعها يحفظ البيانات بطريقة تراكمية ويسهّل حصولها، يجعل هذه البيانات في مهبّ الريح في فترة قصيرة. لأن طبيعة الإنفوجرافيك وما شابه أنها وسائل وقتية ومتعبة جداً في حال البحث عن مقارنة تاريخية لنتائج السنوات السابقة. ولا تعطي المجال للمهتمين بتحليل بيانات الجهة وعرضها بحساباتهم الخاصة أو أبحاثهم الجامعية وكل هذا يعود نفعه على الجهة مرة أخرى ومجاناً بدل الاستعانة بالمكاتب الاستشارية. مقارنة مع بقية الجهات الحكومية أقول للمؤسسة أنتِ أحسنهم في هذا الجانب وبفارق كبير عن البقية، أتمنى لو حذت بقية الجهات الحكومية حذو ساما بتوفير وتحديث مواقعهم بالبيانات التاريخية. انتهت مساحة المقال ولم ينتهِ ما في الخاطر.. نلتقي بحول الله الأربعاء المقبل!