قبل أيام أعلنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عن ورشة نقاش مع القطاع الخاص بالسياحة لمناقشة استراتيجية السياحة السعودية. وقد نما لعلمي وحسب التواصل مع بعض رجال الأعمال بالسياحة أن اللقاء تم من دون دعوة ومشاركه الجمعيات السعودية السياحية المعتمدة من مقام مجلس الوزراء قبل حوالي خمس سنوات برغم أن الغرض المتوقع من هذا اللقاء هو الاستماع إلى الشركاء والأطراف المؤثرة والمتأثرة بمقومات السياحة والاستثمار فيها، حيث إن الغرض الأساس هو الانطلاقة من قاعدة صحيحة لتنفيذ الاستراتيجية من خلال تضمين كافة العناصر المتفق عليها، وتفهم المعوقات الحقيقية ذات العلاقة بصناعة السياحة، والتأكد من توافر عناصرها، والعمل على ضوء هذه المخرجات المتفق عليها بتذليل المعوقات للمستثمرين والمتعاملين بصناعة السياحة، ومن ثم تحفيزهم لأن المتعاملين والمستثمرين بالسياحة هم المولدون الحقيقيون للاستثمار السياحي ونجاحهم يعني وجود فرص لتعدد مجالات للاستثمار السياحي والصناعات المساندة له وهذا ما سيزيد فرص التوظيف للمواطنين فيها وهذا هو منطلق ومقياس نجاح رؤية 2030 بما يخص السياحة. إن عدم تواجد أعضاء الجمعيات السياحية وعدم دعوة الجهات الحكومية المعنية بالإشراف والترخيص للمرافق السياحية لا يتفق مع منهجية الإدارة الحديثة ولا رؤية المملكة، ألا وهي الشراكة بالعمل سواء بمراحل التخطيط أو التنفيذ والتطوير أو الإشراف المستمر والعمل بروح الفريق الواحد والذي هو سمة الهيئات والمنظمات المتحضرة والناجحة.. كما أنه من المعلوم أن نجاح تنفيذ أي استراتيجية لأي منظمة أو هيئة يبنى على وضوح الصورة والغرض والتوجه لها ومدى اعتمادها على إشراك العملاء والأطراف المتأثرة والمؤثرة ذات العلاقة.. وعلى هذا الأساس تتخذ الدول المتقدمة وجميع المنظمات المنفتحة (كما هو الحال مثلاً في أفضل التجارب سياحياً كفرنسا وإسبانيا)، بالتزامها بقيام مجالس أعضاء الجمعيات ذاتها بإعداد الاستراتيجيات أو اللوائح وإجراءات العمل الخاصة بها مع الجهات المشرفة على العناصر المؤثرة بعملياتها السياحية الخدمية (وهي جودة خدمات الأمن والصحة العامة والسلامة وحسن الضيافة والحقوق وضمان المنافسة العادلة للمستثمرين والمستهدفين بالخدمة أو المنتج) لتحقيق أهداف الدولة والغرض الأساس من تأسيسها وضمان بيئة استثمارية ناجحة تكون مخرجاتها الأمن والاستقرار الاجتماعي والمادي لأفراد المجتمعات السياحية بالمناطق. ويتشكل أعضاء الجمعيات السياحية عادة من مستثمرين مؤهلين ذوي خبرات متنوعة من القطاع السياحي سواء بالإداره أوبالاستثمار والتسويق السياحي ويعتبرون هؤلاء الأعضاء هم الصوت الحقيقي الذي تستعين بها هذه الهيئات أو الجهات الحكومية التشريعية لبناء استراتيجياتها ولوائحها، وإجراءات العمل لديها. وبالعودة إلى مراحل تأسيس تنظيم الجمعيات السعودية السياحية، عملت هيئة السياحة ومنذ أكثر من 15 سنة مع شركائها من القطاعين العام والخاص على إعداد مسودة تنظيم الجمعيات السعودية السياحية الثلاث (مرافق الإيواء السياحي والسفر والإرشاد السياحي) وواجهت العديد من التحديات خلال مسيرة الإعداد وتوجت هذا الجهد المميز بمناقشتها في هيئة الخبراء إلى أن وافق مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها برئاسة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- على تنظيم الجمعيات السعودية الثلاث. ومن أبرز ملامح التنظيمات المشار إليها بالقرار: أولاً: تؤسس التنظيمات لثلاث جمعيات مهنية غير هادفة للربح تتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، وتهدف إلى تطوير مرافق الإيواء السياحي ونشاط المرشدين السياحيين ونشاط السفر والسياحة. وتدخل من بين أهداف هذه الجمعيات رعاية مصالح أعضائها، وتقديم الخدمات الاجتماعية والثقافية لهم، والمساعدة في جذب استثمارات القطاع الخاص في مجالات أنشطتها، وعقد دورات تدريبية وتعليمية معتمدة بالتنسيق مع الجهات المعنية. ثانياً: يكون لكل جمعية من الجمعيات المشار إليها جمعية عمومية، ومجلس إدارة مكون من عدد من أعضاء الجمعية، ومدير تنفيذي يشرف على جهاز يتولى القيام بالمهمات التنفيذية المتعلقة بالجمعية (الفنية والمالية والإدارية). وقد نصت رؤية هذه الجمعيات على: أن تعمل على تعزيز المهن التخصصية والاحترافية والتميز والجودة في مجال الخدمات السياحية، وذلك بالعمل من أجل الأعضاء الشركاء المعنيين لتحقيق رؤية مهمة السياحة في المملكة، وتمثيل دور الشريك لتطوير سياحة مستدامة لفائدة الأعضاء، ومنسجمة مع القيم الاجتماعية والثقافية والبيئية للمملكة.