في نهاية كل إجازة صيفية في أيامنا هذه يقابل العديد من الآباء والأمهات بأسئلة أبنائهم وبناتهم الطالبات متى ستقومون بشراء مستلزمات المدرسة التي باتت على الأبواب، حيث يكون الأبناء والبنات قد أعدوا قائمة مسبقة بما يريدونه من أدوات مدرسية وملابس وأحذية وغيرها مما يحتاجونه خلال العام الدراسي، لتبدأ الأسر في سباق مع الزمن من أجل زيارة المكتبات ومحلات بيع المستلزمات الدراسية التي تقدم في كل عام ما هو جديد في هذا المجال، ومن ثم محلات بيع الملابس المدرسية من «مراييل» وما يتبعها وأخيراً محلات الأحذية، وقبل العودة إلى المدارس تبدأ إعلانات المحلات التي تقدم كل ما هو جديد في عالم الموضة والتقنية الحديثة، ولم يعد الأمر مقتصراً على محلات «القرطاسية» التي تقدم الأدوات المدرسية والتي لا يؤمنها إلاّ هي، بل تعدى الأمر ذلك إلى العديد من المحلات الكبرى المشهورة عالمياً، إضافةً إلى الأسواق التموينية الكبرى بل ومحلات كل شيء بريالين فأكثر، حيث يجري سباق محموم بين تلك المحلات في سبيل استقطاب الكثير من المتسوقين، وذلك بتقديم إغراءات للمتسوقين، إمّا بعمل التخفيضات، أو احتكار نوع معين من المستلزمات المدرسية الذي يسبقه العديد من الإعلانات التجارية في مختلف وسائل الإعلام، وتتكبد الأسر المبالغ المالية الطائلة خاصةً إذا كان في الأسرة أكثر من طالب وطالبة، حيث تتضاعف المبالغ بتعدد المشتريات، وبالعودة إلى الوراء قليلاً وقبل عقود قليلة نجد أن المستلزمات الدراسية لم تكن تكلف الأسرة شيئاً يذكر ففيها من البساطة ما يجعل التفكير فيها أمراً غير وارد، فلم يكن هناك ما يسمى بالعودة إلى المدارس، فكل التحضيرات التي تسبق ذلك تتلخص في أشياء بسيطة من الأدوات المدرسية وقطعة قماش للبنات يتم تفصيلها كثوب للمدرسة، وكذلك الحال بالنسبة إلى الأبناء، وأمّا حال الناس اليوم فقد تغير بتغير أنماط المعيشة والرفاهية التي عمت الجميع إضافةً إلى تعدد المعروضات من الأدوات المدرسية والتوسع في الكماليات التي فرضتها الحياة المعاصرة فجعلت منها ضرورة. علم ومعرفة ومن المعلوم أن المدارس هي أماكن تعليمية يتوجه إليها الطلاب لتحصيل العلم والمعرفة في المجالات المتنوّعة مثل: اللغة العربية، والتاريخ، والعلوم، والرياضيات، ويعدّ التعليم المدرسيّ مرحلة مهمّة في حياة الطالب، فالمدارس تساهم في جعل الطلاب يعبّرون عن أنفسهم ويمارسون هواياتهم، من خلال المشاركة في الفعاليّات والنشاطات المختلفة، لذلك على جميع الطلاب أن يسعوا لتطوير مهاراتهم، وقدراتهم التعليميّة طيلة مرحلة دراستهم المدرسيّة، حتى يستطيعوا أن يحقّقوا جميع طموحاتهم، وأهدافهم عند التحاقهم بالدراسة الجامعيّة، وكانت المدارس القديمة أقرب إلى مجالس العلم المصغّرة والتي تعتمد وبشكل أساسي على التلقين الذي كان المصدر الأول للحصول على المعلومات من المعلم، فعلى الطلاب التقيّد بفهم وحفظ ما يميله عليهم، مستعينين بما لديهم من كتب دراسية كانت شبه جامدة حيث تخلو من الصور والأمثلة المعاصرة في الحياة اليومية، وبعد تقدم التعليم وتطوير المناهج وتكثيف الدورات التدريبية للمعلمين وورش العمل بات التعليم أكثر انفتاحاً على العلوم والمعارف الجديدة التي يتسابق العالم للحصول عليها، والتي هيأت جيلاً من الخريجين للانخراط في سوق العمل بمستجداته العصرية، ففارق الطالب والمعلم الكتابة بالطباشير على اللوح ودخلت تقنيات التعليم التي اختصرت الوقت والجهد في إيصال المعلومة بشكل أسرع إلى أذهان الطلاب، وتمت الاستعانة بالتقنيات الحديثة مثل ألواح الكتابة التفاعلية الرقمية والتلفاز فائق الوضوح والسبورات الذكية وأجهزة الإسقاط الرقمية والأجهزة اللوحية، وتم الاستغناء عن الوسائل القديمة التقليدية كالخرائط والأدوات الهندسية والأجهزة السمعية وغيرها. في الدكاكين وكانت أدوات المدرسة التي يستخدمها الطالب أو الطالبة محدودة ومتوفرة في دكاكين بيع المواد الغذائية والكماليات ولم يكن هناك مكتبات أو قرطاسيات مخصصة لبيعها، وكانت تنحصر في أشياء بسيطة، فعلى سبيل المثال فإن الأم إذا أرادت شراء أدوات المدرسة ما كان عليها سوى أن تقصد إحدى البائعات اللاتي كن يمتهن البيع والشراء داخل بيوتهن فتبتاع «شريطة» وهي قطعة قماش بطول وعرض المسطرة المتوسطة الحجم لربط الشعر بعد أن تسرحه وتجعله «جديلتين» وتثبت هذه الشرائط في نهايتيها، و»أبة» وهي القماش الذي يربط حول العنق فوق «مريول» المدرسة، إضافةً إلى قلم رصاص ودفاتر ذات العشرين والأربعين والستين والثمانين ورقة، وكذلك ممحاة ومبراة وعلبة ألوان وعلبة هندسة وحقيبة مدرسية فقط، كما تشتري قطعة قماش يتناسب لونها مع اللون المطلوب للطالبة في المرحلة الدراسية التي تدرس بها، وتذهب بها إلى الخياطة بصحبة ابنتها لتقوم بأخذ مقاساتها ومن ثم تخيطه بما يتناسب ومقاسها، وكذلك الحال بالنسبة إلى الطلاب، فالأدوات المدرسية متشابهة ما عدا الملبس، وكانت أدوات المدرسة تعرض هي الأخرى في الدكاكين ضمن البضائع التي تباع. وجبة الإفطار والفسحة المدرسية هي الأخرى شابها التغيير وباتت تكلف الكثير من المصاريف المرهقة، خاصةً لمحدودي الدخل، ففي بدايات التعليم كان الطلاب عند بدء الفسحة المدرسية التي يسمح لهم فيها بتناول وجبة الإفطار ويسمونها الفسحة الطويلة؛ نظراً لأن وقتها أطول من باقي الفسح التي تفصل بين كل حصة وأخرى، يسمح لهم بالخروج من المدرسة إلى بيوت أهاليهم ليتناولوا ما تيسر من طعام، وكان بعض الموسرين من الطلاب يحضر معه بضع تمرات ليتناولها أثناء الفسحة والبعض الآخر يحضر أقراصاًمن خبز البر -القرصان- الذي تعده والدته له قبل مغادرة البيت للمدرسة، وبعد تقدم الزمن وتبدل الحال وانتشار الوظائف وانتعاش الحالة الاقتصادية للبلاد بات الطلاب يحضرون معهم فسحة مدرسية من البيت كما بات هناك ما يسمى ب»المقصف»، والذي يبيع للطلاب الخبز والجبن، حيث تباع نصف الخبز وجبنة مثلثة ببضعة قروش فقط، بالإضافة إلى كوب من الشاي أو الحليب، وفي بداية التسعينات الهجرية بدأت وزارة المعارف -آنذاك- بتوزيع فسحة مجانية على كل الطلاب واستمرت لعقد من الزمن، ثم باتت المقاصف المدرسية تبيع للطلبة «السندويتشات» والعصيرات وبعض الحلويات والبسكويت، ويساهم الطالب في بداية العام الدراسي بمبلغ مالي للاشتراك في رأس مال المقصف الذي يقسم إلى أسهم ويباع للطلبة بسعر رمزي خمسة أو عشرة ريالات للسهم، وفي نهاية العام يعاد لكل طالب مساهم رأس ماله الذي ساهم به والأرباح التي جناها المقصف من البيع على الطلاب طوال العام، وقد كان الطالب في الماضي القريب يكفيه ريال أو ريالان لتناول فسحته المدرسية التي يحضرها معه من البيت ويشتري بما أحضر من نقود عصير أو بعض الحلوى، أمّا في أيامنا هذه فإن ما يعرض في المقاصف المدرسية تغير وبات متنوعاً من أنواع الأكل المتعددة وأنواع البسكويت والحلوى الفاخرة، إضافةً إلى بيع المياه الصحية التي جعلت الطالب يصرف أضعاف ما كان يصرفه في الماضي القريب. سباق محموم ولم يكن الناس فيما مضى يعرفون عبارة «العودة إلى المدارس» التي تعني الاستعداد المبكر والحثيث لشراء أغراض المدرسة ومستلزماتها التي باتت كثيرة ومرهقة مقارنة بالماضي القريب الذي كان يجري في بداية أول يوم من الدراسة، فيتم إحضار أغراض المدرسة البسيطة من أقرب محل تجاري، أمّا في أيامنا هذه فإن الاستعداد يكون على أشده وتعيش الأسر في سباق محموم من أجل تأمين تلك الاحتياجات المتعددة والمرهقة مادياً، والتي ربما تهز ميزانية الكثير من الأسر، ففي البداية يتم تجهيز الملابس وخصوصاً للبنات إذ بات إحضار «مريول» المدرسة يتم عن طريق انتقاء موديله من المحلات المتخصصة في هذا المجال، والتي تقوم بتفصيل المئات منه وربما الآلاف تلبية لرغبات وأذواق الطالبات، بينما تتفاوت الأسعار ما بين تلك المحلات بحسب جودة التفصيل والقماش والموديلات المتعددة التي ترضي جميع الأذواق، وبعد تأمين تلك «المراييل» يتم شراء الأحذية والتي ترغب معظم الفتيات باقتنائها من كبرى المحلات التي تقدم «ماركات» متعددة باهظة الثمن، ويأتي دور شراء الحقائب المدرسية والتي لا تقل جودة وسعراً عمّا تم شراؤه من ملابس وأحذية، وعند الانتهاء من شراء الملابس وملحقاتها تبدأ الجولات المكوكية على المكتبات ومحلات القرطاسية والتي يخرج منها البنات والطلاب الصغار بالعديد من الدفاتر والأقلام التي تكون بألوان متعددة وبأحجام كثيرة، وكذلك أقلام التلوين بأنواعها، والملاحظ أن هناك أغراضاً وكماليات لم تكن معروفة مثل علب صغيرة لحمل الفسحة المدرسية، ومقلمة خاصة بحمل الأقلام، إضافةً إلى دفاتر مذكرات و»أوتوغراف» للذكريات، وأوراق مفكرات، وملصقات لوضعها على الكتب والدفاتر تحمل صوراً شخصيات كرتونية أو تعبيرات وجوه، وغيرها الكثير التي يتفاجأ بها زوار المكتبات والأسواق الكبرى التي يجري بينها منافسة شديدة من أجل جذب أكبر عدد من المتسوقين، وذلك بنشر الإعلانات المغرية قبل موعد الدراسة بأسابيع، والتي تجبر الوالدين خاصةً النساء للرضوخ لرغبات الصغار من الطلاب والطالبات من أجل الحصول على منتجات ماركات معينة للشنط والأحذية والأدوات المدرسية، والتي يتم تأمينها بعد جولات مرهقة للأسواق من أجل تجميعها، وذلك بعد صرف الوقت والمال الكثير المبالغ فيه من أجل الاستعداد للعودة إلى المدارس. البقالة في الماضي كانت تبيع بعض مستلزمات المدرسة أدوات المدرسة سابقاً تحفها البساطة المقصف المدرسي قديماً إعلان العودة إلى المدارس سباق بين الباعة الحقائب المدرسية تحيّر جيل اليوم في الاختيار الاستعداد للمدارس في وقتنا الحاضر بات مُكلّفاً