إن تنامي ظاهرة التدريس عن بعد عبر القاعات الافتراضية يمثل أهم حدث تكنولوجي عرفه العالم الرقمي الحديث، فهذا النوع من التدريس أصبح مؤخرًا يحظى باهتمام كبير من قبل أغلب الطلبة والتلاميذ خاصة بأوروبا وأميركا ودول الخليج. كما أصبح ذلك الإقبال المتزايد عبر التسجيل في منظومة التعليم عن بعد يمثل أبرز ظاهرة تعليمية حديثة بواسطة استعمال تكنولوجيات الاتصال والمعلومات عن بعد، وبالتالي برز في هذا الصدد في بعض الدول المتقدمة، خاصة فرنسا، ما يسمى المدارس الإلكترونية أو الرقمية وأيضًا المعاهد والجامعات الافتراضية؛ إذ أصبحت منظومة القاعات الافتراضية تشكل الحدث البارز عالميًا، من خلال استغلال تلك البرمجيات والتقنيات في مجال التعليم عن بعد، إضافة إلى ذلك برزت معها الألواح الرقمية الذكية والسبورة الإلكترونية والقلم الإلكتروني والضوئي والأوراق الرقمية والكاميرات ثلاثية الأبعاد والاتصال المباشر عبر التلفاز الذكي، بحيث أصبحت تلك الأدوات والوسائل الرقمية من أبرز التقنيات الحديثة، التي تساعد على التدريس عن بعد، وتسهل عملية إلقاء المحاضرات والدروس الجامعية، فتلك التقنيات الحديثة أصبحت في مجملها اليوم تمثل مصدرًا جديًا للعمل عن بعد وفقًا لضوابط وقوانين تحددها المدارس الإلكترونية والجامعات العالمية الافتراضية، من خلال تقديم الدروس أو إلقاء المحاضرات، مع تقديم المساعدات العلمية للطلبة، كما أن الانتداب للأساتذة عن بعد أصبح يخضع لعديد من الشروط والآليات، ومن أهمها أن يكون الأستاذ متحصلاً على شهادة جامعية، ويتقن جيدًا استعمال تكنولوجيات الاتصال والمعلومات الحديثة، خاصة استعمال القاعات الافتراضية، والكتابة على برمجية السبورة الرقمية، والأهم أيضًا نجاحه في الاختبار الشفهي مع هيئة الانتداب الخاصة بالمدرسة الإلكترونية أو الجامعة الافتراضية. فإجمالاً تمثل تلك التكنولوجيات تطورًا حقيقيًا في مجال التعليم عن بعد، الذي أصبح بدوره يستفيد من كل التقنيات الجديدة في المجالين التكنولوجي والرقمي، كما أنه لا يمكن اليوم بأي حال من الأحوال الاستغناء عن النظام التقليدي للتعليم، مثل المدارس والجامعات العامة أو الخاصة، لكن يبقى ذلك النظام التعليمي الإلكتروني والافتراضي مكملاً وليس بديلاً له أو موازيًا في محتواه وأهدافه ومقللاً للمشكلات ولعوائق الحالات الاجتماعية لبعض الأشخاص، وبالتالي تساعد تلك المواقع التعليمية الطلاب على الاستفادة من الدروس الخصوصية. كما تمثل تلك المواقع فرصة حقيقية للاستفادة من مواصلة التعليم في وقت وجيز جدًا، والحصول على شهادة جامعية عالمية من أعرق الجامعات العالمية، خاصة عبر تلك المواقع المتخصصة في التعليم عن بعد، للطلبة غير القادرين على السفر إلى دولة أخرى، أو الكبار في السن، أو أصحاب الإعاقات الجسدية، أو النساء الحوامل، إضافة إلى ذلك تسهم تلك النوعية من التدريس عن بعد في استقطاب عديد من الأساتذة الجامعيين العاطلين عن العمل، أو الذين هم في حاجة ماسة إلى دخل مالي إضافي، كما أن الاستثمار في المشروعات التعليمية الرقمية يمثل حافزًا حقيقيًا لتنمية الاقتصاد الرقمي والاستفادة المباشرة من أحدث التكنولوجيات والتقنيات. فؤاد الصباغ