كنت أتحدت مع مضيفنا الفرنسي والتلفزيون يعرض مشاهد للحجاج من مكةالمكرمة فبادرني بسؤال ما هو سر هذا المكان عند المسلمين وهل هو بيت محمد النبي؟ رويت لمضيفي بعض ما أعرف يقيناً عن قصة بناء البيت العتيق وقلت له هذا بيت الله ومن بناه هو إبراهيم عليه السلام. وقد اندهش المضيف أن هذا البيت في مكة منذ عهد إبراهيم عليه السلام. وفضول صاحبنا الفرنسي المعرفي سبقه فضول غربي كبير. نعم فقصة بيت الله الذي بناه أبونا إبراهيم عليه السلام ممتثلاً أمر ربه، وشعيرة الحج الفريضة الخامسة ظلت عبر التاريخ مثار فضول أهل الغرب والشرق من غير المسلمين. وتقول بعض المصادر التاريخية إن معظم القادة الغربيين عبر التاريخ أرسلوا مؤرخين وجواسيس وبعثات للأراضي المقدسة لاستطلاع أسرار هذه البقاع الطاهرة وقدسية ومركزية موقعها عند المسلمين. ومن أقدم تلك الرحلات رحلة الإيطالي لودوفيكو دي فارتيما الذي وصل إلى مكة في مايو 1503 متخفياً تحت اسم يونس المملوك المصري بتمويل من ملك البرتغال مانويل الأول الذي موّل في نفس المرحلة تقريباً رحلات فاسكو دي غاما، وكانت مهمة لودوفيكو تتركز على وصف أحوال الشعوب وعاداتهم وشعائر الحج. ومن القادة الذين اهتموا بمكةالمكرمة نابليون بونابرت الذي بعث الجاسوس الإسباني دومينغو باديا ليبليش سنة 1806 تحت غطاء أمير مغربي اسمه الأمير علي بك العباسي. وفي ذات الفترة انتدب القيصر الروسي جاسوساً ألمانياً اسمه أولريك ياسبر سيتزن الذي وصل إلى مكة سنة 1809 باسم "موسى الطبيب". وفي حمى التنافس الغربي أيضاً أرسل البريطانيون الجاسوس السويسري يوهان بوركهارت إلى مكة التي وصلها في سبتمبر 1814 باسم الشيخ إبراهيم بن عبدالله، ومن هؤلاء المستشرقين الجواسيس الهولندي كريستيان سنوك الذي وصل إلى مكة عام 1885، هذا الجاسوس هو صاحب أقدم تسجيل معروف للقرآن الكريم حيث سجله قبل 134 عاماً، وقد قدم سنوك هذا بتمويل من الحكومة الهولندية بهدف دراسة الحياة اليومية للمجتمع آنذاك، وبعد انكشاف أمره جرى طرده من قبل السلطات وقتها بعد اتهامه بمحاولة سرقة قطع أثرية نادرة. وقد سرد الكاتب سمير عطا الله في كتابه القيم "قافلة الحبر" قصصاً وروايات مثيرة لهؤلاء المغامرين الجواسيس الذين وصلوا إلى الجزيرة العربية في الأزمنة الغابرة. * قال ومضى: على مرافئ العيد.. تلوح الذكريات من بعيد