أدت عمليتا إطلاق نار جماعي في غضون 24 ساعة إلى إعادة تركيز أميركا على قوانين حيازة السلاح، نظراً لوجهات النظر المعادية للمهاجرين التي يزعم أن مطلق النار في حادث تكساس يتبناها، وإثارة مسألة أخطار خطاب الكراهية. وقال الرئيس دونالد ترمب: «الكراهية لا مكان لها في الولاياتالمتحدة»، في أول رد فعل شفهي له على عمليات القتل التي خلفت نحو 30 قتيلاً، حسبما أفادت وكالة أنباء بلومبرغ. وظلت قوانين حيازة الأسلحة موضوعاً هامشياً في حملة الديمقراطيين للانتخابات الرئاسية لعام 2020 حتى الآن. وقد حذفها البعض باعتبارها قضية خاسرة بعد سنوات من تكرر حوادث العنف في ظل استجابة سياسية قليلة من النواب أو غيرهم. وتعرضت الولاياتالمتحدة لحادثي إطلاق نار جماعي خلال 24 ساعة، أسفرا عن مصرع 30 شخصاً على الأقل في إل باسو بتكساس ودايتون بولاية أوهايو. وعلى الرغم من أن أياماً كثيرة تنتهي بهذا الشكل المأساوي في الولاياتالمتحدة، إلا أن حوادث عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة أصابت الأميركيين بصدمة جديدة بسبب سقوط عدد كبير من القتلى في منشآت مدنية تعج بالأطفال وفي مكانين متفرقين في وقت واحد، كما تشكل طبيعة الهجمات دليلاً دامغاً بدأ حول وجود مشكلة «إرهاب داخلي» يعززها جشع شركات السلاح وتوجه أميركي قديم يسهّل حصول أي أميركي على سلاح. وفي فترة ترتفع فيها حدة العنصرية في أميركا، والدعوات لبناء جدار مع المكسيك حيث اتهم ترمب المهاجرين غير الشرعيين بأنهم «مغتصبون» و»لصوص»، حيث شن الهجوم في تكساس شاب أبيض ومن ضمن من قتلهم 3 مكسيكيين حيث تبحث الشرطة في مدونات الشاب الذي كان قد كتب عن مخاوفة من تحوّل ولاية تكساس اليمينية إلى معقل للمهاجرين السمر وبالتالي تحويلها إلى ولاية ديموقراطية. من جهته قال المرشح الرئاسي الديمقراطي بيرني ساندرز؛ «لقد أصبحنا مكشوفين» مضيفاً «العالم كله يتفرج على هذا الجنون. ويتساءل ماذا يجري في أميركا؟ هل العناية بالصحة العقلية متدهورة لنرى حداثة تلو الأخرى بشكل مرعب دون توقف؟. أما جو بايدن، المرشح الديموقراطي ونائب للرئيس السابق باراك أوباما فقال: «أميركا تعاني من مرض وهو عمليات إطلاق النار الجماعية». أما المرشحة إليزابيث وارن، ففنّدت المشكلة قائلة: «لقد تجاوز الأمر أي حد يمكن التسامح به، ألا نستطيع إذا توحدنا أن نتغلب على لوبي السلاح والشركات المصنعة للبنادق؟» مضيفة «تعاني مجتمعاتنا من مأساة وعنف متزايد يمارس على مواطنينا ويجب أن ندمر مصانع الأسلحة ونتغلب على المروجين لها». وبعد بضع ساعات من إطلاق النار في تكساس، استجابت شرطة أوهايو إلى حادثة إطلاق نار في مدينة دايتون حيث قتل 10 أشخاص من بينهم مطلق النار. وبينما لم تحدد الشرطة هوية قاتل أوهايو، إلا أنها أعلنت أنه استخدم بندقية عالية القدرة من عيار 223. ليتناقل الأميركيون الصور مستهجنين أن يكون حمل بندقية بهذا الحجم في الشوارع أمراً قانونياً ولا يحده أي تشريع. ويشكّل NRA (لوبي الضغط المؤيد للتسليح في أميركا) المكون من شركات الأسلحة الأضخم في أميركا، ثقلاً سياسياً واقتصادياً هائلاً يؤثر في الحراك السياسي الأميركي والحملات الانتخابية للسلطات التشريعية والتنفيذية، حيث لا يذهب معظم المشرعين للإعلان عن ضرورة وضع ضوابط وقوانين أكثر تشدداً لتخفيف بيع الأسلحة في أميركا لأن هؤلاء المسؤولين يعتمدون على تمويلات جماعات الضغط المؤيدة للسلاح للوصول إلى مناصبهم، وبالتالي تحكم NRA هامش واسع من القرار السياسي لصناع القرار وخاصة فيما يتعلق بالأسلحة، فعلى الرغم من أن الحزب الديمقراطي يمتلك صوتاً أكثر حزماً من التسليح، إلا أن الديموقراطيين التقليديين مثل هيلاري كلينتون وجو بايدن لا يعارضون قوانين التسليح المتهاونة في أميركا. ويرتبط تمسّك الجمهوريين بحرية التسليح في أميركا من الفكرة التي قامت عليها الولاياتالمتحدة حيث تنص المادة الثانية في الدستور على حق حمل السلاح لجميع مواطني الولاياتالمتحدة بغرض الدفاع عن النفس، حيث تقول المادة: «وجود ميليشيا جيدة التنظيم ضروري لأمن أية ولاية حرة، لذا لا يجوز التعرض لحق الناس في اقتناء أسلحة وحملها». وكان هذا التعديل في الدستور قد ظهر مع استقلال الولاياتالمتحدة عن بريطانيا، وقرر شعبها التمسك في حقه بالتسلح للتحرر من السلطة الفيدرالية «البريطانية» آنذاك ليبقى مبدأً أميركياً. وبينما تتفشى حالات إطلاق النار العشوائية لتصل إلى المدارس والمعابد ومختلف المؤسسات المدنية، لا يزال اليمين في أميركا يطرح حلولاً تؤدي إلى المزيد من المبيعات والأرباح لشركات الأسلحة بحجة مواجهة المشكلة مثل «تسليح المعلمين» في الصفوف المدرسية لمواجهة مطلقي النار. وغرّد ملايين الأميركيين في الوسم WhiteSupremacistTerrorism# معترفين بوجود مشكلة إرهاب أبيض متصاعد في أميركا داعين لمقاطعة انتخاب المسؤولين غير المعترفين بوجود مشكلة إرهاب أبيض متطرف والمحابين لجماعات الضغط المؤيدة للسلاح التي تموّل حملاتهم. ويدعو الأميركيون إلى قوانين أكثر تشدداً تحد حمل السلاح واقتناءه والتي تشكل بنظر الأميركيين واحدة من أكبر تحديات البلاد، حيث لم تطرأ على قوانين اقتناء الأسلحة عبر التاريخ تعديلات جذرية تتناسب مع طبيعة تغير العالم وتطور الأسلحة. ففي العام 1934 صدر القانون الوطني للسلاح والذي فرض ضرائب على صناعة ونقل السلاح كما أنه أجبر حاملي السلاح من الفئة الثانية على تسجيل أسلحتهم عند الدولة. وفي العام 1938 صدر القانون الفيدرالي للسلاح والذي حظر أصحاب بيع الأسلحة من بيعها لفئة من المواطنين وهم «المجرمون السابقون». وفي العام 1968 صدر قانون رفع عمر مشتري السلاح إلى 21 عاماً كما تم منع نقل الأسلحة بين الولايات إلا للمصانع المرخصة. المشتبه به في تنفيذ الهجوم كونور بيتس (رويترز) السلاح المستخدم في تنفيذ العملية (رويترز)