الإحصائية التي أصدرتها قبل أيام الهيئة العامة للإحصاء كنتيجة لأول مسح يتعلق بالثقافة والترفيه الأسري، الذي تعتزم الهيئة تنفيذه بشكل دوري كل ثلاث سنوات وفق المنهجية الدولية للإحصاءات الثقافية، ولأن هذا المسح يهدف لدعم متخذي القرارات والباحثين والمهتمين كان لابد أن نقف عند نتائج هذا المسح وتحديداً عند تلك النسبة التي تتعلق بالمكتبات المنزلية التي تعد نواة المعرفة والتي حددت مانسبته 35 % من المواطنين يمتلكون مكتبات خاصة في منازلهم، وهنا نتساءل ما إذا كانت هذه النسبة عكست وعي قرائي جاد وماذا يمكن أن نعوّل على وزارتي التعليم والثقافة في سبيل تعزيز هذه الحالة الثقافية مستقبلاً؟ وللحديث عن أهمية المكتبات المنزلية أولاً تقول الكاتبة د. شيمة الشمري: أن المكتبات الخاصة ظاهرة عامة في أمم مختلفة ووجودها في المملكة ظاهرة ثقافية عظيمة تعود بالفائدة على صاحبها وعلى زواره من الطلاب والباحثين وحتى الأصدقاء مؤكدة أنها تعد مظهراً حضارياً محفزاً للأجيال القادمة؛ فمجاورة الكتاب والتآلف معه وتصفحه، ومن ثم قراءته والتعمق والاطلاع والبحث والمتعة هي مظهر حضاري بلا شك. مشيرة إلى هناك من يقول: إن انتشار هذا النوع من المكتبات قد يكون لإكمال الديكور والتباهي فقط، وقد يكون في هذا القول بعض الصدق، لكن ليس على العموم. فهناك أشخاصٌ كلما زاد اقتناؤهم للكتب زاد شغفهم بالقراءة وزادت حصيلتهم المعرفية والثقافية، وهذا المأمول من المكتبات الخاصة.. بالمقابل ينبغي على وزارة التعليم أن تولي عناية خاصة لمكتبات المدارس في جميع المراحل،وأن يستفاد منها ومن المكتبات الخاصة الموجودة في كل منطقة، مثلا تنظيم رحلات مدرسية لمكتبة خاصة في المنطقة كنشاط للطلاب وإثراء لمعارفهم وتنمية العلاقة بين النشء والكتاب، ومعرفة أهمية وكيفية الانتقاء، ودائماً ما نجد الطلاب يقبلون على القراءات الحرة اللا منهجية لما فيها من حرية الاختيار بما يتفق وميولهم؛ لذا حري بنا استغلال هذا الإقبال وتنميته. وبما أن وزارة الثقافة هي المعني بالكتاب والثقافة، ومن مهامها النهوض بالوعي المعرفي والفكري للأمة، فلتتضافر الجهود وتتكامل الأدوار وهذا ما يجعلنا نرتقي ونتطور. نسبة ال 35 %.. تعلق جرس القراءة وتساءلت الشمري: ماذا لو قامت وزارة الثقافة بعمل زيارات دورية لهذه المكتبات، وتقديم شهادات تقدير لأصحابها، ووضعها كرافد من روافد الثقافة والمعالم الثقافية في البلاد، ومد أصحابها بالكتب والعناية. وجود هذا الكم من المكتبات الخاصة يجعلنا نأمل خيراً بحياة مشرقة. أمامنا الكثير من التحديات التي تستحق أن نكون لها جاهزين وسبيلنا إلى ذلك عن طريق الوعي والثقافة وهما لن يكونا إلا بالقراءة والقراءة. ويقول الروائي ماجد الجارد: أن تلك النسبة لمن يملكون مكتبات منزلية لو تم مقارنتها بنسبة الأمية وهي نسبة منخفضة جداً نجد أن هناك جرس انذار يدق للتشجيع على القراءة، إذ إن ثلثي الأسر لا تملك مكتبات مع أن المكتبات تنوعت وأصبحت بضغطة زر سواء كانت إلكترونية أو صوتية أو ورقية، كذلك تنوعت المصادر للقراءة ومن هنا يجب على الجهات المعنية ومؤسسات تطوع المجتمع المدني تكثيف الوعي بالقراءة وأهمية الكتاب والتأكيد على هذه المسألة بطرق جديدة، بمعنى نخرج عن الروتين القديم والكليشات الثابتة والبرامج المعتادة في تطوير القراءة من خلال مهرجانات القراءة ومعارض الكتب فقط. ويرى الجارد بأنهُ من الأهمية دعم «تطبيقات القراءة» ودعم برامج مجتمعية للوعي بالقراءة من خلال مسابقات في المدارس والجامعات والعطل الصيفية وتكثيف دعم المكتبات العامة ونشاطها وتزويدها بالكتب والإصدارات الحديثة، ومحاولة تقليل تكلفة وسعر الكتاب تسهيلاً لشيوعه لأن ذلك ينعكس على وعي المجتمع وأفراده، وكذلك لابد من دعم دور النشر بإيجاد نوافذ بيع تشارك ضمن فعاليات رسمية مثل مواسم السعودية كموسم جدة أو الرياض، ففي النهاية صناعة الكتاب تعود للمجتمع كافة، وذلك لأن القراءة هي عمود المجتمعات وسر نجاحها ومن يريد أن يصل للمستقبل لابد أن يقرأ ثم يقرأ. مكتبة الجارد المنزلية