سارعت الصين إلى الرد على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب توسيع نطاق فرض الرسوم الجمركية العقابية لتطال كل الواردات من الصين، مهددةً أمس باتخاذ «تدابير مضادة» ضدّ واشنطن التي وضعت حداً للهدنة بين القوتين. وكان ترمب أعلن في سلسلة تغريدات أن إدارته ستفرض اعتباراً من أول سبتمبر رسوماً جمركية بنسبة عشرة بالمئة على 300 مليار دولار من الواردات الصينية، ما لم تكن مشمولة مسبقاً بهذا الإجراء. وحذرت الحكومة الصينية من أنه لن يكون أمامها خيار آخر سوى اتخاذ تدابير مضادة إذا نفذ ترمب تهديداته. ولم تحدد بكين طبيعة هذه الإجراءات المضادة. واتهم وزير التجارة الصيني في بيان الولاياتالمتحدة بانتهاك «التوافق» الذي توصل إليه ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ في يونيو حول إعادة إطلاق المفاوضات. وكان لإعلان ترمب أثر كبير على الأسواق، حيث تراجع سعر برميل النفط 8 بالمئة في نيويورك كما تراجعت المؤشرات الرئيسة في بورصة وول ستريت. وكانت ردة فعل الأسواق الآسيوية مماثلة عند افتتاحها، حيث خسرت بورصة طوكيو الجمعة أكثر من 2 % قرابة الساعة 1,30 ت غ وبورصة شنغهاي 1,41 %. وقال ترمب للصحافيين لاحقاً: «أنا غير قلق» من تراجع الأسواق، مضيفاً «توقعت ذلك». واعتبر ترمب كذلك أن الرئيس الصيني يريد التوصل لاتفاق، لكنه «لا يعمل بالسرعة اللازمة» لتحقيق ذلك. وحذر ترمب أيضاً من أنه قد يرفع من جديد الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية ما لم تقبل الصين بالمطالب الأميركية. وأثار احتمال رفعها إلى «ما يزيد على 25 %». وإذا طبّقت الرسوم الجمركية الجديدة فعلياً، فهي ستطال كلّ الواردات القادمة من العملاق الآسيوي. بالإضافة إلى ذلك، أكد ترمب، الذي لم يتوقف عن إعطاء مواقف متضاربة خلال هذا النزاع التجاري، أن المحادثات ستستأنف كما هو مقرر «مطلع سبتمبر». غير أن رئيس المجلس الاقتصادي الصيني - الأميركي كريغ آلن يخشى من أن قرار ترمب قد يدفع الصينيين إلى الانسحاب من المفاوضات. وبرر ترمب قراره المفاجئ بكون بكين لم تف - في رأيه - بالتزامين مهمين: الأول شراء كميات أكبر من المنتجات الزراعية الأميركية، والثاني وقف مبيعات الفنتانيل، وهو عقار مخدر شديد القوة منتشر في الولاياتالمتحدة، والصين من منتجيه الرئيسين. يأتي ذلك رغم تأكيد بكين الخميس أنها زادت مبيعاتها خلال الأسابيع الأخيرة من المنتجات الزراعية الأميركية، ورغم استئناف المفاوضات بين الطرفين بأجواء هادئة نسبياً هذا الأسبوع في شنغهاي. وقال المحلل لدى «ميسكارت فاينانشل سرفيسز» غريغوري فولوخين: إن خطوة ترمب لم تكن متوقعة. وتفرض واشنطن أصلاً رسوماً جمركية إضافية بنسبة 25 % على ما يساوي 250 مليار دولار من السلع الصينية، وردت بكين بفرض رسوم جمركية إضافية على ما يساوي نحو 110 مليارات دولار من السلع الأميركية. وحتى الآن، لم تفرض الإدارة الأميركية رسوماً على السلع الأكثر استهلاكاً، بحيث يبقى الاقتصاد الأميركي، الذي يدعمه استهلاك الأسر، بمنأى نسبياً عن آثار الحرب التجارية. لكن احتمال فرض رسوم جمركية على كلّ السلع أثار صدمة في الأسواق، وانخفضت أسهم مجموعة «بست باي» بنسبة 9 %، وهي سلسلة متاجر للأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، مباشرةً بعد إعلان ترمب. وحذر فولوخين من أن الرئيس الأميركي «يلعب بالنار». وأطلق ترمب حرب رسوم جمركية ضد الصين ليدفع السلطات الصينية إلى وضع حدّ للإعانات إلى الشركات الحكومية، ووقف النقل القسري للتقنيات المفروض على الشركات الأجنبية، وكذلك التوقف عن «سرقة» الملكية الفكرية الأميركية. وأكد أنه يريد «اتفاقاً جيداً» أو لا اتفاقاً على الإطلاق. وذهب الخميس إلى حد القول: إنه يستطيع الاستغناء عن التجارة مع الصين. واتهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الموجود في بانكوك الصين ب»الحمائية» وبأنها تعتمد «استراتيجية افتراسية». وقال: «الصين استفادت من المبادلات التجارية...آن الأوان لأن يتوقف ذلك».