أكد سفير المملكة العربية السعودية لدى دولة الإمارات تركي بن عبدالله الدخيل، أن العلاقات السعودية - الإماراتية تنطلق من أسس اجتماعية وسياسية مشتركة وقوية وراسخة، برهنت عليها التفاهمات المباشرة التي طبعت علاقة البلدين الشقيقين، منذ السنوات الأولى لتأسيس دولة الاتحاد وحتى قيام دولة الإمارات العربية المتحدة. وأضاف خلال المحاضرة التي ألقاها في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بالعاصمة الإماراتية "أبوظبي"، تحت عنوان "العلاقات السعودية - الإماراتية في ضوء التحديات المشتركة "أن التوافق السياسي الراهن بين البلدين، قد تبلور منذ ستينات القرن الماضي، وتعزز لاحقاً في أكثر من مناسبة، كالتنسيق لدعم جمهورية مصر العربية في حرب 1973، وحرب تحرير الكويت 1991، والموقف المشترك من أحداث 2011 في بعض الدول العربية؛ كما تعزز أكثر، بمشاركة البلدين في عاصفة الحزم لدعم الشرعية في اليمن الشقيق. وأوضح الدخيل أن علاقات الطرفين توجت بإعلان مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي رعاية للمصالح المشتركة، الذي عقد اجتماعه الأول في 7 يونيو 2018 برئاسة ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وعقد الاجتماع الثاني للجنة التنفيذية في أبوظبي في 17 يناير الماضي لمتابعة تنفيذ المشروعات الاستراتيجية المشتركة. وأكد السفير السعودي أن تحالف الاستقرار العربي بقيادة السعودية والإمارات تمت ترجمته عن طريق انخراطهما في "عاصفة الحزم" وتعزيزهما لاستقرار فكرة الدولة والحفاظ على ما تبقى منها، كما التقت جهودهما الدبلوماسية للعمل في المحافل الدولية من أجل دعم الخيارات الشرعية للشعب اليمني. وأشار إلى أنه على المستوى الاقتصادي تجاوزت الاستثمارات السعودية في دولة الإمارات 35 مليار درهم، كما بلغ عدد المشروعات الإماراتية في السعودية نحو 114 مشروعاً، مقابل 206 من المشروعات السعودية في دولة الإمارات، وتعمل اليوم في الإمارات نحو 23 ألف شركة سعودية و66 وكالة تجارية، فيما تحتضن المملكة العربية السعودية مشروعات إماراتية مشابهة. وفي سياق الحديث عن التحديات التي يواجهها البلدان، قال الدخيل: إنه "لا يمكن النظر إليها بمعزل عن سياسات بعض الجهات الداعمة للانقسام في العالم العربي، والتطرف في الشرق الأوسط وخارجه، كما كانت سياسات بعض الجهات الخارجية هي الدافع نحو إثارة الصراع الطائفي في اليمن وسورية والعراق، فضلاً عن تبنيه حركات الإسلام السياسي بشقيها السني والشيعي، لفرض حالة من عدم الاستقرار والفراغ السياسي في المنطقة، كتمهيد للتدخل الخارجي". وتحدث الدخيل عن مواجهة كل المملكة العربية السعودية والإمارات خطر التنظيمات الإرهابية التي خصصت الكثير من إصداراتها لانتقاد سياسات مكافحة التطرف والإرهاب في البلدين، وتوجيه نقدها لسياسات الانفتاح المتبعة في الدولتين، ومهاجمتها لفكرة الدولة، ورموز الاعتدال العربي، باستخدام الأكاذيب والأدوات غير الأخلاقية، وهو ما يتطلب يقظة إعلامية وتوعوية مستمرة لإعادة شرح التصورات وتحديد المنطلقات الأخلاقية لاستعادة الدين من مختطفيه، وصونه من أيدي العابثين به والمستغلين له، وحماية فكرة الدولة ومؤسساتها، وضمان استقلال القرار الوطني عن توجيهات الأيادي الخارجية وتعزيز هويَّة المواطن، وتأمين مستقبل الأجيال القادمة في المنافسة عبر ترسيخ منظومة القيم الأخلاقية العصرية الداعية إلى التسامح والانفتاح، من دون تأثير في القيم الأساسية والاجتماعية. وأضاف الدخيل في هذا السياق أن الوعي السعودي - الإماراتي أدرك أن تنظيم "داعش" ليس سوى امتداد لتطرف رعته التنظيمات الإرهابية فكرياً لخدمة أهدافها السياسية، ولهذا شارك البلدان في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بكفاءة قتالية عالية نالت الإشادة العالمية، كما دعمتا جهود مكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي وأنشأتا بالتعاون مع أميركا المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف "اعتدال".. وعندما اتجهت السعودية بقيادة الأمير محمد بن سلمان نحو إنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، كانت دولة الإمارات من أولى الدول الحاضرة بقوة في هذا التحالف.