للتعليم وبلا شك فلسفة خاصة، هذه الفلسفة نابعة من واقع الميدان، ولن يعرف تفاصيلها إلا من دخل دهاليز المهنة، وعاش بين جدران فصولها، وبما أن التعليم شراكة من أجل تحقيق الأهداف التي تتبناها الدول وتطمح إليها، فكان المعلم هو جسر العبور ما بين طموح الدولة، وبين عقل المتلقي (الطالب)، والتكلم بإفراط عن منطقية حساسية المعلم، وهل فعلًا يستحق المعلم هذه الهالة والحساسية المفرطة من نقد الآخر أو لا؟. لكنها الحقيقة التي يجب ألا تُحجب، والشمس التي لا يمنعها من الظهور أي غربال.. فالمعلم هو محطة يمر بها كل إنسان في البشرية، كائنًا من كان، فلا مجال لتجاوز مرحلة المعلم بأي حال، وهنا بيت القصيد وعماد الخيمة. ولأن العقول والأنماط في مجتمعٍ ما هي صناعة معلم، ولأن اختلال التوازن أو فساد القناعة لدى معلم مؤشر خطير ينبؤ بانتشار فكر المعلم لدى طلبته، وكذلك تفاني معلم مع تلاميذه في غرس قيم عظيمة كالوطنية والولاء والبراء، والتي هي ركائز قيام المجتمعات، كان لزامًا من هذه المنطلقات إيجاد المكانة السليمة والمرتفعة للمعلم. فالقيم سلبًا كانت أو إيجابًا محورها المعلم، ولأنها سلبًا يمكن تحييدها، ولكن إيجابًا لكي يغرسها المعلم فهو يحتاج إلى الشعور بها والانتماء لها، لأنها تتطلب عناصر كالحماسة والرغبة والتفاني. وفي ظل هذه المعطيات يجب على صانع القرار في التعليم ألا يفكر بردة فعل اللحظة أو الحالة، بل يجب أن يفكر وينظر لسنوات وما هي العواقب النفسية والسيكولوجية لمثل قرارات تقلّص وتضعف قيمة المعلم. لا يُلام المنصف في خلق وتضخيم الحساسية تجاه المعلم ومكانته، لأن قيمة وأهمية عمله ليست مجرد دروس حسابية أو لغة أرقام جافة، بل هي قيم ركائز وأعمدة لتأمين مستقبل الوطن والحد من انتشار قيم السلب في المجتمعات، ونزع الشعور والرغبة، أو حتى الرسائل السلبية التي ترسلها الوزارة بتعاميمها وقراراتها ما يطفئ وبلا شك عنصر التفاني، لأن المعلم ينتمي لسلالة البشر، ونفاد وقود الحماسة سينتهي لا سيّما مع القرارات التي ستجعل مهنة التعليم مهنة مقايضة مجرد تأدية واجب دون رغبة في تكريس القيم التي يصعب إجبار أو محاسبة المعلم في أدائها.