لم يشمل إعلان هيئة الرياضة بقيادة الأمير عبدالعزيز بن تركي عن استراتيجية الرياضة على تقديم الدعم المالي الحكومي المباشر للأندية الرياضية وحسب، بل ذهب إلى أبعد من ذلك عبر الإفصاح عن حزمة تحفيز مالي غير مسبوق في سبيل تطوير منظومة الرياضة في المملكة وتغيير العديد من المفاهيم الإدارية وحتى على مستوى الألعاب المختلفة وتحسين بيئة الملعب والحضور الجماهيري. الأهم في هذه الاستراتيجية هو البدء فعلياً بالنظر إلى ملف حوكمة الأندية الرياضية بصورة جادة، ما يمهد لبدء مرحلة جديدة في الإدارة الرياضية في المملكة، ومفهوم الحوكمة واسع إذ لا يوجد اتفاق على تعريف دقيق له، لكنه باختصار يعني وجود نظام يحكم العلاقة بين الملاك - الحكومة في حالة الأندية السعودية - والعاملين داخل المنظمة (النادي) من أعضاء مجلس الإدارة مروراً بالعاملين التنفيذيين وجميع الأطراف ذات العلاقة بهذا النادي. والهدف النهائي من ضرورة تطبيق الحوكمة، هو الامتثال للأنظمة في كل التقاطعات والتفاعلات والأعمال الإدارية والمالية، ما يسهم في تحقيق وتعزيز الشفافية وضمان حقوق الأطراف كافة ومكافحة أي مظهر من مظاهر الفساد ومنح حق مساءلة العاملين في النادي من قبل الجهة أو الجهات المالكة، وهنا يمكن القول: إن دور أعضاء الجمعيات العمومية سيكون أكثر تأثيراً مما مضى وفق أنظمة وقواعد تحكم علاقتهم بالإدارات. الواقع يقول: إننا أمام مرحلة مختلفة تماماً في كيفية إدارة المنظمات الرياضية السعودية بعد سنوات من الفوضى والارتجالية، وخطوة تطبيق الحوكمة هي أهم الخطوات التي لطالما نادى بها كثيرون، إذ إنها حجر الزاوية في مشروع تخصيص الأندية السعودية المنتظر، وكان من الممكن البدء في تطبيقها على مستوى اللجنة الأولمبية السعودية والاتحادات الرياضية. في بريطانيا، لا يمكن لأي جهة رياضية أن تتلقى دعماً مالياً حكومياً إلا بعد التأكيد من تطبيقها لكل قواعد الحوكمة ذلك أنها ستحصل على جزء من المال العام الذي يجب معرفة أوجه صرفه بشكل دقيق وضمان وجود قنوات واضحة للمحاسبة والشفافية. ولأن هيئة الرياضة بدأت بشكل جاد في النظر لهذا الملف بالغ الحساسية، فإنه من المهم التأكيد على الحاجة للسير في هذا الاتجاه حتى نهايته واتباع كل الخطوات، والتأكد من تطبيق قواعد الحوكمة وتعزيز ثقافة الشفافية والمحاسبة ومكافحة أي تصرف تفضي إلى ممارسة الفساد المالي أو الإداري، وليس الاكتفاء بعقد ورش عمل تعريفية أو وضع نظام دون تفعيل حقيقي يضمن حق الجميع.