أنهى المنتخب الجزائري لكرة القدم النسخة الثانية والثلاثين من نهائيات كأس الأمم الإفريقية في كرة القدم بالطريقة التي يستحقها، بفوز بهدف نظيف على السنغال في المباراة النهائية، منحه لقباً قارياً ثانياً بعد انتظار نحو ثلاثة عقود. وأمام الآلاف من مشجعيه على استاد القاهرة الدولي، منح المنتخب الجزائري بالهدف المبكر الذي سجله مهاجمه بغداد بونجاح، مواطنيه فرحة تمتد من العاصمة المصرية إلى الجزائر وولاياتها وصولاً إلى مختلف مدن فرنسا والانتشار، في فترة من الحراك السياسي النشط والتظاهرات الاحتجاجية ضد نظام الحكم التي تتكرر كل يوم جمعة، وأحيت في وقت سابق اليوم "ذكراها" الثانية والعشرين. وثبت المنتخب الجزائري في الميدان ما كان الكثيرون يتوقعونه، بتتويجه بطلاً للمرة الثانية في تاريخه بعد 1990م على أرضه، بفضل تضافر عوامل منها المدرب جمال بلماضي الذي طوى خلال عام صفحة مؤلمة من تاريخ المنتخب عانى خلالها على صعيد النتائج والبطولات، وتشكيلة من اللاعبين الثابتين الذين قدم كل منهم أداء لافتاً في مركزه، من القائد رياض محرز، إلى المهاجم بونجاح، مروراً بلاعب الوسط سفيان فغولي، والحارس الصلب رايس مبولحي الذي اختير أفضل لاعب في المباراة النهائية، ولاعب خط الوسط إسماعيل بن ناصر الذي اختير أفضل لاعب في البطولة. وعلق بلماضي: "هذا إنجاز رائع وتاريخي. هذه أول كأس خارج القواعد، إنها فترة طويلة لم نصعد فيها إلى قمة منصة التتويج، لدينا بلد كرة قدم ونستحق اللقب". وأضاف "المباراة كانت معقدة جداً وصعبة، واجهنا فريقاً قوياً لعب كأس العالم الأخيرة. حسم النهائي بتفاصيل صغيرة والفضل يعود إلى اللاعبين". وتابع "ربما لم تكن أفضل مباراة لنا على صعيد المضمون. لكننا لا نزال أفضل هجوم 13 هدفا، وأفضل دفاع (تشاركاً مع السنغال بتلقي هدفين فقط). الفوز النهائي مستحق بالنظر إلى البطولة". وقدم المنتخب الجزائري الأداء الأفضل منذ الجولة الأولى لمنافسات المجموعة الثالثة، والتي تمكن خلالها في الدقيقة الثانية من الفوز على السنغال، أفضل منتخبات القارة في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بالنتيجة ذاتها التي انتهت إليها المباراة النهائية. وسجل بغداد بونجاح الهدف الوحيد في الدقيقة الثانية ليقود منتخب بلاده إلى اللقب الثاني في ثالث مباراة نهائية له في العرس القاري بعد الأولى التي خسرتها أمام نيجيريا عام 1980، فيما فشلت السنغال للمرة الثانية في النهائي بعد الأولى أمام الكاميرون بركلات الترجيح عام 2002 في مالي. وحققت الجزائر فوزها السابع توالياً لتحرز اللقب الأول لها خارج قواعدها وتلحق بالكونغو الديموقراطية (1968 و1974) وساحل العاج (1992 و2015) اللتين ظفرتا بلقبين حتى الآن في المركز الخامس على لائحة المتوجين بالألقاب في العرس القاري. وأثار الفوز احتفالات واسعة في الجزائر العاصمة، إضافة إلى المشجعين الجزائريين الذين حضروا إلى القاهرة لمتابعة المباراة. هدف مبكر و"بلنتي" ملغى خرجت الجزائر من المباراة بالنتيجة لأنها لم تقدم أداء على قدر المتوقع، وكانت الأفضلية للسنغال منذ البداية بسبب الهدف المبكر لرجال بلماضي الذين دافعوا عن تقدمهم وتركوا المبادرة لمنتخب أسود تيرانغا. وقال مدرب السنغال آليو سيسيه "وجدنا أنفسنا أمام فرص سانحة للتسجيل لكننا افتقدنا للتركيز. المباراة النهائية تلعب على التفاصيل. كنا نستحق أفضل، الجزائر أحرزت الكأس لكن كنا نستحق معادلة النتيجة ودفع الجزائر نحو أبعد من ذلك. هم يستحقون الفوز. كان يجب علينا أن نهاجم أمام فريق شرس في الدفاع، لكننا لم نتمكن من العثور على حلول". وفاجأت الجزائر الدفاع السنغالي الذي بدأ المباراة كالأفضل في البطولة (هدف واحد) لكنه افتقد قطب دفاع نابولي الإيطالي كاليدو كوليبالي بسبب الإيقاف، بهدف مبكر من أول هجمة، وأغلقت بعدها المنافذ حتى النهاية خصوصاً في الشوط الأول الذي وجد فيها زملاء نجم ليفربول الإنجليزي ساديو مانيه صعوبة كبيرة في اختراق خط الوسط فغابت الفرص عن مرمى الحارس رايس مبولحي. ولجأ المنتخب السنغالي إلى الكرات الطويلة في الشوط الأول دون جدوى، قبل أن يتحسن أداؤه في الشوط الثاني دون أن يتمكن من إدراك التعادل علما بأن الحكم الكاميروني أليوم نيان احتسب له ركلة جزاء مطلع الشوط الثاني إثر لمسة يد للاعب الوسط عدلان قديورة داخل المنطقة لكنه تراجع عن قراره بعد لجوئه إلى تقنية المساعدة بالفيديو "في إيه آر".