الأحداث المتسارعة التي يمر بها الخليج العربي وتحديداً فيما يتعلق بأمنه وسلامة وحرية الحركة فيه تعطينا فكرة واضحة عن الأساليب الإيرانية الرامية إلى التصعيد المبهم غير المبني على أسسس سوى تفكير استراتيجي غير سوي لا يعرف عواقب الأمور، همه الوحيد هو إخماد جبهة داخلية على وشك الثوران بإثارة الروح القومية لعل وعسى أن تؤجل ماهو قادم بالفعل حتى وإن تأخر في عملية هروبه إلى الأمام. فبدءاً من العمليات التخريبية للسفن في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات، والاعتداء على سفن في خليج عمان، وهجوم بطائرات مسيرة استهدف أنبوب نفط وسط المملكة عبر وكيل إيران الحوثي، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تبعه إعلان الحرس الثوري الإيراني إسقاط طائرة أميركية بدون طيار زاعماً أنها «انتهكت المجال الجوي الإيراني» فيما قالت واشنطن إن طائرة الاستطلاع كانت في المجال الدولي، وأخيراً وليس آخراً قيام سفن إيرانية «بمنع مرور» ناقلة نفط بريطانية عبر مضيق هرمز بعد أيام من اعتراض البحرية البريطانية ناقلة إيرانية في جبل طارق مما يؤكد أن إيران لا تحترم القوانين والأعراف الدولية المتعلقة بحرية الملاحة في المياه الدولية. فمضيق هرمز يمثل ممرًا طبيعيًا وحيويًا للتجارة الدولية، يصل بين بحرين ويشكل مياهًا إقليمية للدول المطلة عليه، وبما أن مياهه تعتبر مياهًا إقليمية؛ فإنها تخضع لمبدأ المرور البري، بمعنى أن كل السفن الأجنبية، بدون استثناء، تتمتع بحق المرور والملاحة فيه، بالإضافة إلى أن مياه الخليج العربي تُعد بحرًا شبه مغلقًا، لذلك يشكل مضيق هرمز المنفذ الوحيد لعدد من دول الخليج العربية، لذلك خُصِّص ممران (ذهابًا وإيابًا) للملاحة في المضيق وفقاً للخصائص الهيدروغرافية المحددة من قِبل «المنظمة الدولية للملاحة البحرية». الأمر برمته رهين رد الفعل الدولي على الممارسات الإيرانية المعطلة للقوانين الدولية، ففي حال لم يتم اتخاذ إجراءات قوية لضمان الملاحة في مياه الخليج والمضائق؛ فإن العبث الإيراني لن يقف بل سيستمر وربما يزداد، فمن أمن العقوبة أساء الأدب.