يعاني سوق العمل من ظاهرة التستر التي خسرت اقتصادنا مئات المليارات من الريالات سنوياً ورفعت من معدل البطالة بين السعوديين رغم ما تبذله وزارة التجارة من جهود كبيرة لمكافحتها، إلا أنها ما زالت تشكل تحدياً يصعب تجاوزه. فالتستر ظاهرة منتشرة، حيث يمارس المتستر عليهم أنشطة غير رسمية أو غير شرعية تحت مظلة الكفلاء السعوديين الشرعية الذين يستلمون مبالغ مالية بسيطة في مخالفة صريحة لنظام التستر. فإنه أصبح من الضروري إلغاء نظام الكفيل للقضاء على التستر رغم ما قد يقترف ذلك من آثار سلبية ولكنها مؤقتة. إن إلغاء نظام الكفيل سيكشف الغطاء عن التستر الذي لا يكاد يوجد إلا في البلدان التي تعتمد نظام الكفيل بدلاً من الاكتفاء بعقد العمل محدد المدة بسنتين ويمكن تمديده لسنة إضافية، ويكون العامل مسؤولاً مسؤولية كاملة عما يخصه من إجراءات لاستخراج الإقامة وفتح حساب بنكي والاشتراك في التأمينات الاجتماعية وابشر ولا يتحمل صاحب العقد أي مسؤولية اتجاهه إلا بما ورد في العقد من حقوق. فقد أوضحت الهيئة العامة للإحصاء حالة سوق العمل في الربع الأول/2019 على النحو التالي: معدل بطالة سعودية (12.5 %)، عدد السعوديين الباحثين عن عمل (945،323)، السعوديون الخاضعون لأنظمة ولوائح التأمينات الاجتماعية (1،933،112) مقابل (6،740،395) وافد، مما يؤكد أن هناك فائض في عرض العمالة الوافدة على حساب العمالة السعودية وفي زمن إحلال التقنية مكان الأيدي العاملة. لقد حان إعادة هيكلة سوق العمل وبناء على المعطيات الجديدة وأهداف رؤية 2030 التي تستهدف معدل بطالة (7 %) وتحفيز الشباب على بدء مشروعاتهم الصغيرة في ظل منافسة عادلة، حيث بإمكان سوق العمل استيعاب السعوديين العاطلين والباحثين عن عمل حالياً والداخلين الجدد سنوياً مدعوماً بقوة الاقتصاد السعودي والإصلاحات الاقتصادية الكبيرة ومشروعات الترفيه والسياحة ذات الكثافة العمالية. فلم يعد قياس التنمية المستدامة بنمو إجمالي الناتج المحلي بل بتنمية الموارد البشرية وتحسين معيشتها والحد من الفقر وتوزيع الدخل بين الفئات العاملة في المجتمع. إن إلغاء الكفيل أصبح ضرورياً اليوم قبل الغد للقضاء على التستر وتقليص البطالة بين السعوديين دون الأضرار بمنشآت الخاص ذات القيمة الاقتصادية المضافة والتي دائماً توفر لها الحكومة البيئة الاستثمارية الخصبة والتمويل الملائم لطبيعتها نحو المزيد من الاستثمار وتوظيف السعوديين. كما أنه سيفعل آلية سوق العمل التي تحدد التوازن عند أفضل الأجور، خلق بيئة عمل جاذبة، زيادة الإيرادات الحكومية، الحد من الاقتصاد الخفي والغش التجاري.