في مناسبات سعيدة كالأعياد تحضر الفرحة بإتمام صيام الشهر الفضيل، ويعود مع كل عيد وصل حبال الود المقطوعة بين الناس لأسبابٍ عديدة تفرضها ظروف الحياة. ولكن المرء مع تطوّر تقنية الاتصالات وزيادة وسائل التواصل بين الناس وسهولة التعامل معها أصبح مُطالباً بالتواصل مع عدد أكبر من البشر خلافاً لما كان عليه الحال قبل سنوات غير بعيدة، ويمكننا الجزم بأن الفرد منّا لن يستطيع التواصل مع أفراد مجتمعه تواصلاً جيداً مهما بذل من وقته وجهده، ولن ينجو في المناسبات والأعياد من سماع كثيرٍ من عبارات اللوم والعتب من المحيطين به على تقصيره في التواصل معهم طيلة العام. ويقدّم الشاعر زعل الرشيدي في البيتين التاليين اعتذاراً لطيفاً يوضح فيه سبب غياب تواصله مع أصدقائه الذين يكنُّ لهم كل التقدير والاحترام، والعذر الذي يقدّمه عذر وجيه طالما تسبّب في حرماننا من التواصل مع الأشخاص الذين نود التواصل معهم، يقول: ضاع الجهاز وداخله كل الأرقام لكنّ ما ضاعت كبار الأسامي أصحابي اللي بالزمن درع وحزام الهم تحياتي وكل احترامي ويُلقي الشاعر سدّاح العتيبي باللوم على نفسه وعلى «التحديثات» التي تسببت في مسح جميع أرقام التواصل في جهازه، ويقول معتذراً لجميع من يعرفهم: قلت أحدّث هاتفي وأصبح حداثي طارت الأرقام والشرهه عليّه لو تكرّم عطني الاسم الثلاثي قبل تبدا بالسلام وبالتحيّه كثيرةٌ هي الظروف التي تحول بين الإنسان وبين التواصل مع الآخرين غير ضياع الأرقام، لكن مكانة من نحبهم تظل كما هي ولا تتغير مع مرور الأيام ومع قلّة التواصل أو انقطاعه، وفي هذا المعنى يقول المبدع ضويحي العماني: يا كثر ما في بالنا من عزيزين حال الزمن من دونهم واحتدانا غالين لو أبطوا ويبقون غالين ولا نشكّك عندهم في غلانا من بين عانينٍ ومن بين ناصين ليت السنافي لا بغانا لقانا وهذي عوايدنا من أول وذا الحين نبي ويبغون العرب من ورانا واللي خذا المشروه عاده وروتين لا يحسب إن ظروفنا في هوانا في مناسبة سعيدة كالعيد من الجيد أن نبتعد جميعاً عن معاتبة الآخرين والبحث عن مسببات غيابهم، فالأولى من كل ذلك التماس الأعذار وإبداء مشاعر الحب والتقدير لهم، والتعبير عن سعادتنا الغامرة بتجدد العلاقة معهم، وهذا ما يدعو له الشاعر المبدع علي المفضي في بيتين رائعين أختم بهما حديثي عن اعتذاريات الوصل، يقول المفضي: كل من طال عن عيني وسمعي غيابه ما عذلته عن الغيبة عسى الله يعينه بالوفا والمحبة والظروف نتشابه وله بقلبي مثل مالي بقلبه وعينه