تعد وثيقة مكةالمكرمة التي صدرت في (22-24) رمضان المبارك لعام 1440ه، بجوار بيت الله الحرام في مكةالمكرمة، ذات دلالات وأهمية وقدسية، لاسيما أنها صدرت بجوار البيت العتيق، من 1200 شخصية إسلامية من 139 دولة يمثلون 27 مكوناً إسلامياً من مختلف المذاهب والطوائف والقوميات، حيث تحمل هذه الوثيقة في جوهرها وبنودها مضامين إنسانية مهمة تخدم الإنسانية جمعاء، لما تمثله من أهمية في احترام حقوق الإنسان واحترام الأديان والأوطان، بغض النظر عن مذهبهم وقومياتهم، حيث تعد هذه الوثيقة بمثابة دستور تاريخي منهجي يرسم خارطة طريق جديدة وقيم ونبل ومفاهيم التعايش والتسامح والانفتاح على الآخرين أتباع الأديان السماوية والثقافات المختلفة والأعراق والمذاهب في العالم، وبالتعاون مع «ملتقى مثقفي الخليج» رصدت «الرياض» آراء مفكرين وإعلاميين وصحفيين سعوديين وخليجيين وعرب، حول هذه الوثيقة المهمة التي تخدم العرب والمسلمين في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها المنطقة. الإسلام الوسطي حيث قال اللواء المتقاعد الدكتور صالح الحربي عندما نمعن النظر في أسس مبادئ وثيقة مكةالمكرمة نجد أنها تمثل الإسلام الوسطي وقابلة للتطبيق في كل زمان ومكان لأنها مستمدة من شرع الله سبحانه وتعالى وسنة نبينا محمد رسوله صلى الله عليه وسلم، مضيفاً لم يستطع الآخرون لسنين عديدة تبني مثلها لقصور في تفكيرهم أو لأطماعهم التوسعية، فإن الوثيقة قد عالجت جميع المشاكل الدولية في سبعة عشر مبدأ، ونتمنى أن تكون مرجعية للمنظمات والجمعيات الدولية لأنها جامعة شاملة وتُحد من الكراهية والإرهاب والتطرف الديني في كافة الأديان وتُوحد المجتمعات المحبة للسلام والعيش في أمن وأمان. من جانبه قال اللواء الركن متقاعد محمد بن سالم الشهراني: إن عقد القمم الثلاث في أطهر بقاع الأرض وفي أفضل الأزمان، لهو تجسيد لدور المملكة العربية السعودية المستمر للم شمل الأمة ولتصحيح المفاهيم المغلوطة عن دين الإسلام دين السلام، ولقد أدت قيادتنا والحكومة دورها المنوط لعقد هذه القمم وما نتج عنها من وثيقة مكةالمكرمة التي سعت لتوحيد الأمة الإسلامية وتوحيد كلمتها، ويأتي الدور الأهم على الجهات التنفيذية من سياسية وأمنية وإعلامية لإبراز هذه الوثيقة وتحقيق أهدافها، ونشكر القائمين على إعداد ونشر وثيقة مكةالمكرمة المهمة. وأوضح الشهراني إن وثيقة مكةالمكرمة وثيقة التسامح والعدل والمساواة، حُق لها أن تسمى «وثيقة القرن للسلام» وجديرة لأن تنال جائزة نوبل، فهي تحمل في ثناياها رسائل سامية للعالم أجمع لنبذ التطرف وكراهية الآخر لمعتقده أو جنسيته أو لونه، وحرياً بنا جميعاً وبكل المجتمعات والفئات وبالذات المثقفين والإعلاميين والمختصين, أن نساهم بنشر وثيقة مكةالمكرمة وأهدافها السامية للعالم وأن يتم ترجمتها إلى جميع لغات العالم. وثيقة تاريخية وقال الكاتب الإعلامي د. أحمد الدوسري من البحرين: إن هذه الوثيقة التاريخية المهمة، جاءت كوثيقة عهد وشرف والتزام واتفاق مبرم بين كل الأطراف المجتمعة في هذا المكان الطاهر المقدس، وهو بيت الله الحرام، مما يعكس مدى أهمية ودور وتأثير المملكة العربية السعودية، على المستوى المحلي والأقليمي والدولي، لتعلن وتبرهن للعالم العربي والإسلامي بإنها تريد السلام للجميع, وتبين إن هذه الوثيقة هي صالحة لكل زمان ومكان، وتكفل حقوق العرب والمسلمين بل الإنسانية أينما وجدت وكانت، بغض النظر عن الدين والعرق والقومية والطائفة والمذهب والجنس واللون، وهذا ديدن ديننا الإسلامي الحنيف المعتدل الذي ينادي بالمساواة والعدل والإنصاف، وكذلك قيمنا العربية الأصيلة القائمة قبل الإسلام، وأتى ديننا السمح ليهذب هذه القيم العليا، ويشرعنها لخدمة العروبة والإسلام. وقال العميد المتقاعد المهندس عبدالله بن محمد العسيرى تأتي وثيقة مكةالمكرمة من أرض المملكة العربية السعودية, بلاد التوحيد لتصدح بصوت الحق عالياً وليشهد التاريخ لها في مواجهة القوى الظلامية للأنظمة البائدة والجماعات الإرهابية وإرهاصاتها الشريرة التي عصفت بعالمنا العربي والعالم الإسلامي، وأسهمت في الوقت نفسه في تشويه صورة الإسلام والمسلمين في شتى بقاع الأرض، وحتى يتم احتواء هذه الأحداث المؤسفة, استشعرت رابطة العالم الإسلامي بدعم من قيادتنا الحكيمة بأهمية العمل على توحيد الصف العربي والإسلامي, فدعت على هامش المؤتمر الدولي إلى وثيقة مكةالمكرمة، مضيفاً يبقى التحدي الوحيد والأكبر لهذه الوثيقة في تضافر الجهود عربياً وإسلامياً في تفعيل بنودها وتحقيقها على أرض الواقع من خلال الوسائل والطرق الممكنة والملائمة والعمل الجاد على نشرها إعلامياً وتثقيف الشعوب بها حتى نلمس بنتائجها ويتحقق بها أمن وتنمية وإزدهار شعوب الأمتين العربية والإسلامية. وأكد العقيد الركن المتقاعد وكاتب الرأي العام الأستاذ سعيد بن محمد القاضي أن وثيقة مكةالمكرمة بمثابة دستور ملزم للدول الإسلامية، بما تضمنته من بنود منطقية، بعيدة عن الإقصاء، ومصادرة الرأي الآخر بما لا يتعارض مع التشريع، هذه الوثيقة أهمية كبرى من حيث قدسية الزمان والمكان، فمقررات مكة التي اتفق على تسميتها بوثيقة مكة تعد بمثابة القاعدة الصلبة التي ينطلق منها أي تجمع إسلامي. وأضاف القاضي وجاء في مقدمة وثيقة مكةالمكرمة ما نصه: «وصدور هذه الوثيقة من جنبات البيت العتيق، مهوى أفئدة المسلمين تأكيد على أهمية المرجعية الروحية للعالم الإسلامي حيث قبلة الإسلام والمسلمين، ومصدر إشعاعه للعالمين برحابه الطاهرة في مكةالمكرمة بالمملكة العربية السعودية، وتنويه بالاستحقاق الكبير لقيادتها السياسية، وما اضطلعت به من خدمات جليلة للإسلام والمسلمين والإنسانية جمعاء»، وهذا في رأيي تأكيد صريح على أنه لا يعتد بأية مؤتمرات تريد أن تحرف المسلمين عن المنهج السلفي، لصالح عقائد فاسدة يدعمها أعداء الأمة للنيل من الدين القويم والمنهج السلفي، ولا يتعارض ذلك مع روح التسامح والسماحة ولا يعد إقصاء لأحد بقدر ما هو رسالة لأصحاب العقائد التي خلطوا السياسة بالخرافة، ويستخدمون اسم الإسلام لنشر عقائد ظاهرها ديني وباطنها شعوبي بحت، وكذلك أصحاب البدع الأخرى الذين يأتون بطوام وبدع وشركيات ويدعون أنهم أهل سنة وجماعه. لذا فقد جاءت هذه الوثيقة لتضع علماء الأمة أمام مسؤولياتهم التاريخية أمام الله، ثم أمام أنفسهم، وتأييداً لريادة المملكة العربية السعودية للعمل الإسلامي وزعامة العالم الإسلامي الروحية، بحكم أنها قبلة المسلمين ومنها شع نور الإسلام. أما بنود الوثيقة التاريخية، فهو تقرير لعالمية الدين الإسلامي وسماحته، التي قررها رب العزة والجلال، والجميل في هذه الوثيقة أنها غطت معظم الجوانب الإنسانية والاجتماعية والبيئية والأسرية، والعلاقات الإنسانية. دستور ملزم وقال الأستاذ خضير الخضير الحمدلله على الكمال والتيسير ونسأله القبول والتوفيق للقيام بتطبيق تلك الوثيقة التي صدرت من أهل الوفاء الذين أخذوا على عاتقهم أن تعيش شعوبهم بكرامة، وتسير وهي رافعة الرأس والسعي لتطبيق السلام في كافة تعاملاتهم، وتعد هذه الوثيقة المهمة دستور ملزم للعرب والمسلمين في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها المنطقة، وهي تشهد تكتلات إقليمية وتمزق طائفي وعنف وإرهاب وتأجيج الصراع المذهبي. وقال د.سعد الغنوم: أدرك خادم الشريفين الملك سلمان ما تعانيه الدول العربية والإسلامية من تيارات فكرية وأحزاب تعمل وفق أجندة لم يعد المتابع أن يعلم نهايتها وما الصواب فيها واحتار ذوي الألباب، ولذا جاءت القمم الثلاث مصحوبة بالوثيقة التي أعدت من قبل فريق من علماء ومفكرين ومثقفين العالم الإسلامي والعربي لتكون مرجعاً يحتكم إليه المجتمع ويعملون على الوفاء بمضامينها والتّحاكم إليها ورسالة إلى العالم في وقت كثر فيه اللغط حول الإسلام وما ينسب إليه من أعمال هو منها براء. وقال د.مبارك بن سعيد حمدان: إن وثيقة مكة قد اتخذت أهميتها ودورها وأثرها من شرف الزمان والمكان. حيث عقدت في أطهر بقاع العالم ومن جوار الكعبة المشرفة وفِي أفضل الشهور وأيدي المسلمين مرفوعة إلى السماء تلهج بالدعاء لرب العالمين، وأعادت تقييم الأمور وإعادتها إلى نصابها، ولعل الدور المهم والمؤثر الذي تقوم به المملكة العربية السعودية بثقلها الديني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي بقيادة ملك الحزم والعزم والسلام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، كان لها بالغ الأثر في التوصل إلى هذه الوثيقة المباركة، وما تمخضت عنه من توصيات رائعة ومؤثرة، لعل ما أشارت إليه الوثيقة في بعض بنودها هو أساساً مطبق في واقع المملكة العربية السعودية، حيث يعيش على أرضها ملايين الوافدين من مختلف الأقطار والأمصار ويتمتعون بمميزات متعددة جعلت البعض يود البقاء لأطول فترة بها دون العودة إلى بلده، مضيفاً فِي تصوري أن الوحدة الوطنية التي أرسى دعائمها الملك الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن يرحمه الله، لبلاد شاسعة المساحة متعددة القبائل والثقافات في ذلك الوقت تعد مثالاً حياً وواقعياً ومنجزاً حضارياً كبيراً ذابت فيه كل العنصريات والطائفية وغيرها، هذه الوثيقة مهمة جداً وتؤسس لثقافة التسامح وذوبان التمييز العنصري الجاهلي المقيت وتوحيد النظرة إلى البشر على أساس مبدأ الإنسانية العظيم وأن الجميع سواسية بصرف النظر عن الجوانب الثقافية والاجتماعية والألوان واللغات والعادات والتقاليد. (كلكم لآدم وآدم من تراب). وأضاف في هذا الصدد الشيخ د.علي جمال الدين هيجان أن المملكة تستشعر على الدوام رسالتها العالمية السامية في تجفيف منابع الإرهاب وتغليب الحكمة في إزالة مسببات الاحتراب والإرهاب المتنامي في كثير من أقطار العالم، ولذا بادرت المملكة في هذا المتعرج العالمي الملتهب إلى الدعوة إلى انعقاد القمم الثلاث، بهدف الخلوص إلى كلمة سواء، ينعم فيها العالم كل العالم بالأمن والاستقرار وحماية الأنفس والممتلكات والمكتسبات، وتم الخروج (بوثيقة مكةالمكرمة) التي أحكمت فقراتها واتقنت صياغتها وسمت مراميها، كما دأبت المملكة على استثمار كل سانحة في ترسيخ الأمن المحلي والإقليمي والعالمي، ولذا استشعرت حجم المخاطر الداهمة التي يعاني منها العالم بصفة عامة ومنطقة الخليج بصفة خاصة من زيادة التوترات وتنامي التنظيمات والخلايا الإرهابية التي تصنع على مرأى ومسمع ومباركة من دول بعينها، ومن ذلك وعلى سبيل المثال إيران التي تمادت في عنجهيتها وأوغلت في عجرفتها بتبني ورعاية الأعمال الإرهابية من خلال أدواتها ووكلائها وعملائها مثل (حزب الله) و(ميليشيات الحوثي) ومن في ركابهم، حيث باتوا يهددون الملاحة الدولية في منطقة الخليج، ويعملون على الإساءة إلى أطهر المقدسات في المملكة، من دون مراعاة لمشاعر أكثر من مليار ونصف مسلم الذين تجلى اصطفافهم ووقوفهم سداً منيعاً للحيلولة من دون مآرب إيران المارقة وأذرعها الخارجة عن القانون والأعراف العالمية. وأوضح هيجان أن وثيقة مكة قد أتاحت البنية التحتية الصلبة التي يمكن الاستناد عليها في تنقية وتطهير المجتمعات من تجنيات ومخاطر الإرهاب بكل أشكاله وصيغه العصاباتية والدولية، ولذا يمكن أن ينبثق من هذه الوثيقة القيمية العالمية العديد من البرامج والآليات التي توظف منابر ومحاضن الحراكات المجتمعية للتصدي للإرهاب. خدمة العرب والمسلمين وقال المحلل السياسي محمود الكعبي من الأحواز العربية: إن وثيقة مكة تعد مرجعاً إسلامياً وعربياً مهماً لخدمة العرب والمسلمين، لاسيما أنها انعقدت في مكةالمكرمة من 1200 شخصية عربية وإسلامية في هذا المكان الطاهر المقدس، وهذا يوضح أن دور المملكة المحوري والمهم والمؤثر على المستوى المحلي والإقليمي والدولي فاعل وناشط ومهتم بقضايا العرب والمسلمين، لاسيما أن منطقتنا العربية تتعرض إلى أبشع صور التشويه والظلم والزور والبهتان، خصوصاً أن نظام الملالي في طهران يشوه صورة الإسلام الحقيقية ويريد له «الإسلام السياسي الخاص به»، ومنذ مجيء نظام الملالي في إيران والمنطقة تشتعل بالحروب الطائفية والمذهبية، وأضاف الكعبي أنا أؤكد أن هذه الوثيقة أذا طبقت بنودها بحذافيرها سوف تلجم الحاقدين. ومن جانبه قال الأستاذ محمد القحطاني تعد وثيقة مكة ثورة في المفاهيم والمصطلحات والقيم، وثيقة تعيد للإسلام مقاصده العلياً، التي شوهها الغلاة وأصحاب المصالح، وهي وثيقة حضارية تؤكد أن الإسلام دين رحوم عطوف صالح لكل زمان ومكان، دين العدالة والتسامح دين الاعتدال في الأقوال والأفعال. وهذا يعكس سماحة هذا الدين العظيم وإلمامه بجوانب الحياة وقدرته على مواكبة متطلبات الحياة بكل منعطفاتها الخطيرة وقدرته على التعامل معها، مؤكداً من القلب ندعو جميعاً لملك الحزم والعزم ونبراس الإنسانية الملك سلمان -حفظه الله- ولإخوته رؤساء وحكام دول الخليج والعالم العربي والإسلامي. وأوضح المحامي والمستشار القانوني رائد الهويمل أن وثيقة مكة جاءت تدعو للسلام والأمن العالمي وتنبذ الإرهاب والتطرف بكافة أنواعه ومستوياته، فقد كان التكفير العنصر الأساسي للإرهاب في العالم لذلك حرصت وثيقة مكة في المبدأ الرابع: أن التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يبرر الصراع والصدام، بل يستدعي إقامة شراكة حضارية «إيجابية» يجعل من التنوع جسراً للحوار والتفاهم والتعاون لمصلحة الجميع ويحفز للتفاهم على خدمة الإنسان وحرصت الوثيقة على انتشال ظاهرة «الإسلاموفوبيا» والتبيان الحقيقي على سماحة الإسلام من خلال الدعوة للتعريف بالإسلام الحقيقي المنفتح على جميع الأديان والثقافات. كما تشدد وثيقة مكة على أعطاء المرأة دورها الكامل حتى تتمكن من المشاركة الفعالة لبناء الأوطان وتنميتها وعدم امتهان كرامتها وتهميش دورها أو التقليل من شأنها. ولا ننسى أن وثيقة مكة تحدثت على أن الصراع الحضاري وليد العزلة والاستعلاء المتولد عن النزعة العنصرية، وذلك لا يخلق مجتمعاً ناجحاً بقدر ما يكرس للانغلاق على الذات وتبني أوهام سلبية تؤدي إلى الانعزال عن الثقافات الأخرى. وتمثل وثيقة مكة مرجعاً تاريخياً للمسلمين بعد عام «2019» لنبذ التطرف والمشاركة في تحقيق السلام العالمي وصون القيم الوسطية السمحة والمنفتحة على جميع الأديان والثقافات الأخرى. وقال الأكاديمى والباحث والمحلل السياسي د. صباح الخُزاعي أن وثيقة مكةالمكرمة تنص على مكافحة الإرهاب والظلم والقهر، ورفض انتهاك حقوق وكرامة الإنسان، وتأصيل قيم التعايش بين الأديان والثقافات والأعراق والمذاهب المختلفة في دول أمة الإسلام، أُقرّتْ هذه الوثيقة التاريخية من قبل 1200 شخصية إسلامية من 139 دولة من مختلف المذاهب والطوائف الإسلامية، مضيفاً أنا أعتبر وثيقة مكةالمكرمة لعام 1440ه مماثلة ومشابهة للعهدة العمرية لعام 15ه (من حيث الأهمية والتأثير والخلود التأريخي) التي كتبها الخليفة عمر بن الخطّاب» رضى الله عنه» لأهل القدس عندما فتحها المسلمون عام 638 للميلاد، أمنهم فيها على كنائسهم وممتلكاتهم. قلب العالم الإسلامي وأكد الدكتور جمعان آل جمعان الغامدي أن المملكة العربية السعودية دابت منذ تأسيسها على أن تكون قلب العالم الإسلامي ونبضه، وتوارث حكامها من عهد الملك المؤسس يرحمه الله وحتى عهد خادم الحرمين الملك سلمان، القيام بهذا الدور والتجلي فيه؛ حتى أضحى العالم الإسلامي ينظر إليها كدولة عظمى، ومصدر أمن وإيمان. وأضاف الشاعر الأستاذ رعد الشلال «لو قال لي أحد, صف الإسلام بجملة» قلت: «هو الأسرع والأوسع لأنه الأبسط»، والسماحة والبساطة والسعة خلق النبي محمد عليه الصلاة والسلام, بُعث بمكة ومازالت تقود العالم، فكم أكرم اللهُ محمداً, بُعث للناسِ كافةً فكانت أخلاقُه, رسولَ صمتِه قبل كلامِه، فالنورُ حيث ولّى وجهه الكريم، مازال صوته أحرفاً من نور تنادي الناس إلى النور، فاجتمع لها 1200 شخصيةٍ إسلاميةٍ يمثلون 139 دولة من مختلف المذاهب والطوائف، هي مكة وهذه وثيقتها التي تم التوقيع عليها في ظلال البيت العتيق. وقال الشيخ سعيد بن حسين بن مشيط عانت المملكة العديد من الإرهاب وما ينتج عنه على مر عقود من الزمن منذ التعدي والهجوم على أقدس البقاع في الأرض وهو الحرم المكي الشريف، والهجوم الذي استهدف أربع ناقلات نفط في ميناء الفجيرة في ال12 من مايو الماضي، كما عانى العالم العربي والإسلامي والغربي من هذا الإرهاب وهذه العمليات التى تسبب الدمار والخراب وينتج عنها وفاة أبرياء وخراب مقدرات، مضيفاً أكدت وثيقة مكة التاريخية أنها تأتي على خطى «وثيقة المدينة» والتى أسسها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مع اليهود أيام الهجرة النبوية، وحيث أن وثيقة «المدينةالمنورة» وما حوته من بنود قد أطنب فيها المؤرخون والمستشرقون وأُلف عنها الكثير من الكتب والنظريات والحوارات وكانت دوما هي الرمز لسماحة الإسلام وتعاليمه, ومما ذكر من باب الاستشهاد ما ذكره (المستشرق الروماني جيورجيو) بقوله: «حوى هذا الدستور اثنين وخمسين بندًا، كلها من رأي رسول الله، خمسة وعشرون منها خاصة بأمور المسلمين، وسبعة وعشرون مرتبطة بالعلاقات بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولا سيما اليهود وعبده الأوثان، وقد دون هذا الدستور بشكل يسمح لأصحاب الأديان الأخرى بالعيش مع المسلمين بحرية، ولهم أن يقيموا شعائرهم حسب رغبتهم. وها نحن نرى وثيقة مكةالمكرمة والتي اتفق عليها الجميع من القيادات الإسلامية لتكون الدستور للتعايش مع البشر. وأخيراً الصحفي أحمد حسين من مصر قال: إن «وثيقة مكةالمكرمة» تلعب دوراً كبيراً في تعزيز التعايش السلمي بين أتباع الأديان والطوائف والثقافات والأعراق في الدول الإسلامية والعالم أجمع، فقد أكدت أن التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يُبرر الصراع والصدام، بل يستدعي إقامة شراكة حضارية إيجابية، وتواصلاً فاعلاً يجعل من التنوع جسراً للحوار والتفاهم والتعاون لمصلحة الجميع، ويحفز على التنافس في خدمة الإنسان وإسعاده، والبحث عن المشتركات الجامعة، واستثمارها في بناء دولة المواطنة الشاملة المبنية على القيم والعدل والحريات المشروعة وتبادل الاحترام ومحبة الخير للجميع، لذلك لا بد من الإشادة والثناء لكل من عمل على إعداد وإطلاق «وثيقة مكةالمكرمة»، والآن يأتي دور كل فرد في المجتمع الخليجي والعربي للتعمق في المضامين المهمة لهذه الوثيقة التاريخية والحضارية والإنسانية، والسعي بكل جهده وحسب مجال عمله، لتطبيق ما يستطيع من مضامينها لخيره وخير المسلمين والإنسانية جمعاء.