يبدو أن الكتابة عن أهمية وتأثير وخطورة وسائل التواصل الاجتماعي "Social Media"، سواء على الفرد أو المجتمع أو الوطن، كتابة شهية وملحة ومعقدة، خاصة في مثل هذه المرحلة الجديدة التي بدأت تتشكل وتُصاغ وتتكون الكثير من الأفكار والثقافات والقناعات. مواقع ووسائل ووسائط التواصل الاجتماعي مثل تويتر والفيس بوك وإنستغرام، لم تعد مجرد "منابر اجتماعية" تُمارس فيها الكثير من المظاهر التفاعلية المتمثلة بالمدونات الحرفية أو الصوتية أو المرئية، ولكنها تجاوزت كل ذلك بكثير، فقد تحوّلت إلى وسائل إعلام وإعلان وتفاعل، وليتها اكتفت بذلك أيضاً، فهي الآن تقود فكر ومزاج وسلوك المجتمعات بكل أفرادها ومكوناتها وتعبيراتها، بحيث أثبتت كل المؤشرات والاستطلاعات والدراسات بأن مواقع التواصل الاجتماعي تستحوذ على اهتمام وجذب وشغف مئات الملايين من سكان العالم، لا سيما الشباب الذين يُمثلون الشريحة الأكبر في تعداد السكان في أغلب دول العالم. وكما هي طبيعة كل الأشياء، فإن هذه المواقع المؤنسنة، سلاح ذو حدين، فهي مصدر للكثير من الإيجابيات والمكاسب والفوائد، تماماً كما هي أيضاً تتحمل مسؤولية الكثير من السلبيات والمخاطر والآثار. ومحاولة رصد ذلك، يحتاج للكثير من المقالات والتقارير والبرامج، ولكنني فضّلت أن أرصد أهم 10 إنجازات وإبداعات وصناعات لوسائل التواصل الاجتماعي والتي ساهمت في تطور وتنمية وازدهار المجتمعات والشعوب والأمم. الأولى: "صناعة الوعي" بين مختلف مكونات وتعبيرات المجتمع. وما يُثار في فضاءات ومساحات وسماوات هذه الوسائل من نقاش وجدل ومراجعة، خلق حالة من الوعي لدى الكثير من مستخدمي هذه الوسائل. الثانية: "صناعة المعرفة" التي أصبحت بفضل هذه المواقع والوسائل والشبكات، متوفرة وسهلة وميسرة. فقد تحوّلت المدونات المختلفة التي تنشرها هذه الوسائل إلى مصادر هائلة من المعارف والعلوم والآداب. الثالثة: "صناعة التسامح" التي تقود حرباً شعواء ضد التطرف والتشدد والعصبية. لقد أصبحت هذه الشبكات الاجتماعية منصة عالية لرموز وهيئات ومبادرات التسامح والتصالح والحوار. الرابعة: "صناعة المحتوى" الذي يُقدم كل ما هو جيد ومفيد وحقيقي. إن صناعة المحتوى الجيد، أحد أهم التحديات الكبرى التي تواجه وسائل التواصل الاجتماعي. الخامسة: "صناعة المستقبل" بكل ما يحمله من طموحات وتطلعات وتحديات. لقد ساهمت هذه الوسائل الاجتماعية بشكل كبير في صناعة المستقبل الذي نُريد تحقيقه. هذه خمس صناعات رائعة قدمتها لنا وسائل التواصل الاجتماعي، والصناعات الخمس الأخرى ستكون بإذن الله في المقال المقبل.