عندما انتهى عزاء والدتي قبل نحو سبع سنوات، وبعد أن تمت لملمة كراسي العزاء وسجادات الجلوس، وأواني ساقي القهوة، وعاد كل أقاربي وأعزائي إلى بيوتهم، حاملين معهم دعواتهم والمواعظ ونبرة الفقد معهم، انبرى صديقي المقرب إلى قلبي، ليقول: هي سنة الحياة والعيد قريب، وستنسى لتتحقق دورة الحياة المستمرة التي لا تتوقف عند موت أحد حتى لو كان محمد صلى الله عليه وسلم. هو رمى بهذه الكلمات، فشعرت وكأن الفرح قد انتزع من قلبي، بهذه السرعة ننسى؟!.. إنه شعور غريب أن تشعر باليتم وأنت في مرحلة من بلغ أشده، لكن لعل العيد يغسل الأحزان ويعجل بالسلوى.. لكن هل أمنت بأننا نستطيع أن نتجاوز؟.. الحقيقة السائدة تقول نعم.. لكن ما لا نقدر عليه من آلام الوجد والشعور حينما ترتبط المشاعر بمن هم في مهمة تخص الوطن.. أمنه.. مستقبله.. الدفاع عنه. نعم يشمل الوطن، وهو ما بادر إليه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - وهو يحمل العيد مع إشراقته الأولى ليكون بين أهله المرابطين في الحد الجنوبي، ومع أحضان ولي العهد لهم وابتساماته، تكشف أمامي مقطع لأبطالنا في يوم العيد وهم يحثون السير لتطهير حدنا الجنوبي من آفات المعتدين، وكيف أنهم يعيّدون بأرواحهم، لكي ننعم نحن بهذا العيد؟!. في هذه الأيام نستمتع بكل مباهج الدنيا وهم يعرضون أجسادهم للرصاص، يتلقون العدو الغادر لنعيش نحن.. لتنقلب تساؤلاتي ضيقا: «كيف نعيش العيد ونريده صفاء ونتضايق من كل تقدير رباني حمل غبارا أو شمسا حارة، وهم يتلقون النار لأجلنا ولأجل وطننا ولا يجزعون»؟!.. هم يحرسوننا كي نكون سعداء.. فماذا حق لنا أن نفعل لأجلهم؟!.. هل نكتفي بأن نقول أنتم دروعنا العظيمة.. أرواحنا؟ من يبني حياتنا الآمنة الجميلة، تموتون لنكون أكثر سعادة، وتنزفون كي يبقى الدم في شراييننا.. هل يكفي ذلك؟ ومع الوفاء العظيم من ولي العهد لهؤلاء الأبطال.. هل يكفي أن نكتفي بدور القيادة كمتفرجين سلبيين؟ أم أن علينا جميعا كسعوديين بجميع توجهاتنا ومناطقنا وأعمالنا أن نكون أكثر وفاء معهم؟ فما يمنعنا من فعل ذلك ومجتمعنا يبادر تجاه من أهم أقل قدرا وعملا؟ فها هي حملة المساجين قد عرفت مئات الملايين من الريالات وإطلاق كثير منهم، وحملات الجمعيات الخيرية شهدت مثلها.. وغيرهما. يجب أن نفكر في مشروع وطني لأبطالنا يتبناه المجتمع ورجال الأعمال وكل من له علاقة بالتأثير والتوجيه من إعلام و»سوشال ميديا».. لنبدأ من الآن.. على أقله لنقول لهم شكرا وإن كانت صغيرة بحقهم.. لكن لكي يكون لنا بعض وجه حين نعايدهم! وبعض جرأة حين نقول لهم بملء الفم: أنتم السعوديون الحقيقون.. أنتم روحه ودفاعه.. نحبكم ونعيشكم.. كل عام وأنتم بخير وقوة وسعادة ووطننا وقيادتنا كذلك.