ليس هناك وقتٌ أدعى للتكاتُف وتنسيق الرؤى والجهود مِن هذا الوقت في ظلّ التحديات والمخاطر التي تُحدِق بالمنطقة، في ظلّ الاستفزاز الذي تمارِسُه إيران بدَعم الإرهاب والتَّطَرُّف. لقدْ كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - على وعي بتلك المخاطر؛ لذا حرص على توجيه الدعوة العاجلة لعقد قمَّتيْن طارئتَيْن: القمة الخليجية والقمة العربية، فضلاً عن القمة الإسلامية الرابعة عشرة التي تنعقد في مكّة المكرَّمة. إنَّ هذه القمم الثلاثية؛ الخليجية، العربية، والإسلاميَّة لتنداح دائرتُها من البُعْد المحلِي والمصالح الإقليمية المشتركة إلى البُعد العالمي الذي يهمّ الأمَّة جمعاء وتحقيق السلم الدولي وتعزيز التضامن والاستقرار. لقد أكَّد خادم الحرمين الشريفين في القمة الخليجية على حرص المملكة على أمن المنطقة واستقرارها، والسعي لتجنيبها ويلات الحروب، مطالبًا المجتمع الدولي بالاضطلاع بدوره، وتحمُّل مسؤولياته تجاه ما تمارسه إيران من تهديد للأمن والسلم الدوليَّين. وكانت استجابة القادة العرب لدعوة خادم الحرمين الشريفين بعقد قمة عربية طارئة، استجابة عاجلة ومتميزة؛ للتباحث بشأن تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة في ظلّ التهديدات الإيرانية والتوترات الأمنية والاعتداءات التي تعرضت لها محطتا ضخ النفط بالسعودية، وعمليات استهداف ناقلات النفط في المياه الإقليمية الإماراتية. وتأتي هذه القمة بالتنسيق بين مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية. كما تأتي القمة الإسلامية؛ لتثمّن دور المملكة وجهودها، بإعلان موقفٍ موحّد تجاه القضايا الراهنة في المنطقة، ومستجدات القضية الفلسطينية، واتخاذ مواقف واضحة من الأحداث التي تعرضت لها الأقليات المسلمة بالغرب، في ظل تنامي خطاب الكراهية ضدها، وضرورة التصدي للإرهاب والعنف. إنّ استضافة المملكة لهذه القمم الثلاث، ليؤكِّد على ثقل المملكةِ، ودَوْرها الريادي بالمنطقة، ولم تتحقَّق للمملكة تلك المكانة، وذلك التأثير بين عشية وضحاها، بل كان نتاجَ جهودٍ متواصلةٍ نحو الارتقاء والتأثير؛ وتعزيز دَوْرها تجاه بوصلة الأحداث والتفاعلات مع القضايا المصيرية بالمنطقة؛ فقد ارتقت المملكة مراكز عِدّة في مقاييس التنافسية؛ فبعد أن كان ترتيبها التاسع والثلاثين على مستوى 63 دولة، أصبحت ْ في المرتبة السادسة والعشرين، فتقدمت 13 مرتبة، وحازتْ قُدرة تنافسية متميزة في ثلاثة محاور: كفاءة الأعمال، فهي رقم 25 عالميًا متقدّمة 20 مرتبة، والكفاءة الحكومية، فهي في المرتبة ال 18 عالميًا متقدمة 12 مرتبة، والبنية التحتية، فهي في المرتبة ال38 عالميًا متقدمة 6 مراتب. فالقمم الثلاث، في ذلك التوقيت المبارك في شهر رمضان الفضيل، والانطلاقة التنافسية للمملكة عالميًا، تؤكِّد على الدور المحوري الذي تلعبه المملكة إقليميًا وعالميًا، وتعبِّر عن الرؤى الثاقبة التي تمتلكها المملكة وقيادتها تجاه المسائل التي تسعى فيها للحفاظ على استقرار المنطقة، ودفع الأخطار عنها، وتعزيز التضامن الإسلامي الذي يؤكِّد على تماسك الأمّة وتوحّدها لمجابهة أية أخطار تتهددها.