دور المملكة الفاعل والمؤثر في المنطقة، واستشعارها لعظم مسؤوليتها كمركز ثقل استراتيجي إقليمياً ودولياً، وما تمر به منطقتنا من تحديات ومهددات متسارعة لها تأثيراتها السلبية على الأمن العربي والإسلامي، هو ما دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لعقد ثلاث قمم في مكةالمكرمة، خليجية وعربية وإسلامية. تأتي هذه القمم الثلاث الاستثنائية زماناً ومكاناً لتناقش وبشكل مختلف عن بقية المؤتمرات والقمم السابقة ملفات عدة أهمها على الإطلاق التهديد الإيراني المستمر للاستقرار الأمني في المنطقة، وتطويرها لبرنامجها النووي وصواريخها الباليستية، ودعمها للجماعات الإرهابية وفي مقدمتها ميليشيا الحوثي وحزب الله. وطيشها وتماديها في ارتكاب العديد من الأخطاء الجسيمة والتي كان آخرها محاولة اعتدائها عبر ذراعها( الحوثي) على المنشآت النفطية السعودية، وحماقتها في تخريب السفن التجارية في الفجيرة الإماراتية، ناهيك عن العديد من تصرفاتها المستفزة والمهددة للأمن والاستقرار في المنطقة. كما أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الدول العربية والإسلامية «بما فيها قطر»، إلى هذه القمة تبعث لإيران رسائل كثيرة أبرزها أن الشجعان هم من يملكون قرارات السلم، ولكنهم أيضاً يملكون قرارات الحرب، وأن المملكة هي حاضنة العالم الإسلامي وبدعوة من قائدها تجعل إيران وحيدة في قفص مغلق. أيضاً اعتقد أن من يتمتع بشيء من الذكاء السياسي يلتقط رسالة مفادها أننا بعد هذه التجارب عبر عقود من الزمن وصلنا لوعي كاف ٍ ندرك من خلاله أن أمننا الاستراتيجي الدائم هو مهمة الدول ال 57 العربية والإسلامية، وأن العرب والمسلمين هم وحدهم المعنيون بأمنهم واستقرارهم مع حفاظهم على تحالفاتهم المتوازنة هنا وهناك. إلا نه يجب علينا أن نعي بأن تحالفنا مع الدول الأخرى سواء الولاياتالمتحدة الأميركية أو غيرها، ماهو إلا تحالف مبني على المصالح المشتركة المحكومة بمقتضى العلاقات الدولية، البعيدة تماماً في عرف المصالح الدولية عن أواصر الدم أو الدين أو غيرها مما تتصف به مجتمعات العرب والمسلمين. باختصار.. إن ما يصنع الفارق في هذه القمة ويجعلها تخلق مرحلة مختلفة عما قبل انعقادها، هو مدى قوة المواقف والقرارات التي ستتخذها هذه الدول، ومدى متابعة جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي لتنفيذ تلك القرارات وتجسيد تلك المواقف على أرض الواقع، والتي بدورها تعطي المجتمع الدولي فرصاً أكبر لاتخاذ قرارات أكثر فاعلية مع هذا النظام.