بدأت السّبت المنافسة على منصب رئيس الوزراء البريطاني، عبرَ تعهُّد مجموعة من المرشّحين تحقيق نجاح لم يُحالف تيريزا ماي لإخراج البلاد المنقسمة من الاتّحاد الأوروبي. ويأتي ذلك في وقت يُصرّ القادة الأوروبيون على أنّهم قدّموا آخر عرض لديهم، بعد أشهر من المحادثات المضنية التي أنتجت تسويةً لم تحظ بشعبيّة وكلّفت ماي منصبها. وتُغادر ماي منصبها على وقع انقسامات حيال سُبل التعامل مع قرار الناخبين في 2016 الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، بعد نحو 50 عامًا من العضويّة. وبالنسبة إلى الأسواق، يحمل خروج بريطانيا من التكتّل، عندما يأتي موعد الانسحاب الذي تأجّل مرّتين، مخاطر كبيرة لدرجة لا تبعث على الارتياح. ويتمثّل القلق الرئيسي في أنّ المرشّحين الأوفر حظاً لتولّي رئاسة حزب ماي المحافظ، وفي مقدّمهم وزير الخارجيّة السابق بوريس جونسون، يؤكّدون أنّهم سيمضون قدمًا ببريكست مهما كان الثمن. وقال جونسون «سنُغادر الاتّحاد الأوروبي بتاريخ 31 أكتوبر باتّفاق أو بلا اتّفاق. لإنجاز الأمور، عليك أن تكون مستعدًا للخروج من دون اتفاق». وأبرز منافسين لجونسون هما وزير بريكست السّابق دومينيك راب الذي يُعدّ أكثر تشدّدًا بتشكيكه في الاتحاد الأوروبي، ووزير الخارجيّة جيريمي هانت. وقد أعلن كل من راب وهانت ترشّحهما لخلافة ماي. وكتب راب في صحيفة «ذا مايل أون صنداي» البريطانية «أفضّل أن نخرج (من الاتحاد الأوروبي) بموجب اتفاق». أمّا هانت فقد خاض في السابق حملة ضدّ بريكست، لكنّه عاد وغيّر موقفه. وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة «ذا صنداي تايمز» البريطانيّة حول إمكان ترشّحه، قال هانت إنّ «ما يهمّ هو ما إذا كنت تؤمن ببريكست». وأضاف «لا يمكننا استبعاد احتمال الخروج من دون اتّفاق، لكنّ الطريقة المثلى لتفادي حصول ذلك هي بوجود شخص باستطاعته التفاوض على اتفاق». ويُتوقّع أن ينضمّ وزير البيئة مايكل غوف المؤيّد لبريكست إلى لائحة المرشّحين لخلافة ماي. وأفادت صحيفة «صنداي تايمز» بأنّ غوف سيشدّد على أنّه «صاحب السجلّ الأفضل» وأنّه أكثر «قدرة» من بقية المرشّحين على خلافة ماي في المنصب. وتجري المنافسة على وقع انتخابات البرلمان الأوروبي التي يُتوقّع أن يحصد فيها «حزب بريكست» الجديد بزعامة الشعبوي المناهض للاتحاد الأوروبي نايجل فاراج نحو ثلث الأصوات. وتُظهر الاستطلاعات أنّ المحافظين يتلقّون عقابًا على سجالاتهم المرتبطة ببريكست، إذ يُتوقّع أن يحلوا في المرتبة الخامسة، وهي أسوأ نتيجة لهم في انتخابات وطنيّة. ويُدرك المتنافسون كذلك أنّ قرار ماي التعهّد بإجراء استفتاء ثانٍ على بريكست لاسترضاء المعارضة المؤيّدة للاتحاد الأوروبي تسبّب بغضب في صفوف الحزب المحافظ. واعتقدت ماي أنّ التنازل قد يُساعدها في تمرير اتّفاقها بشأن الانسحاب عبر البرلمان في محاولة رابعة. لكنّ ذلك لم يُكسبها أيّ تأييد، وتسبّب بمحاولة للانقلاب عليها في الحزب أجبرتها على الاستقالة. ودفع ذلك المرشّحين الأكثر تأييدًا لأوروبا على غرار وزيرة العمل والمعاشات التقاعدية آمبر راد الى الإقرار السبت بأن لا فرصة لديهم بالفوز بالمنصب وبالتالي سينسحبون من المنافسة. وقالت راد لصحيفة «ذي دايلي تلغراف» «أدرك أنّ أعضاء الحزب المحافظ يريدون شخصًا يعتقدون أنّه متحمّس بشدّة لبريكست». وجونسون شخصيّة تحظى بشعبيّة، ويعتبره محافظون كثر الردّ الأمثل على فاراج. لكنّ مسيرته السياسيّة الطويلة حيث كان رئيس بلديّة لندن خلقت له أعداء في البرلمان قد يحاولون منع صعوده. سيبدأ أعضاء الحزب في البرلمان بتصفية المرشّحين حتّى يبقى اثنان في العاشر من يونيو. وسيتمّ التصويت على المرشّحين النهائيّين في اقتراع يُشارك فيه نحو 100 ألف من أعضاء الحزب في أنحاء بريطانيا في يوليو. واتّسعت ساحة المتنافسين السبت مع دخول وزير الصحّة مات هانكوك السباق متعهّدًا اتّباع نهج أكثر اعتدالاً. وقال هانكوك لشبكة «سكاي نيوز» إنّ الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بدون اتّفاق «ليس خيارًا سياسيًا فعّالاً بالنسبة إلى رئيس الوزراء المقبل». ويُنظر إلى هانكوك على أنّه بين الشخصيّات المغمورة التي قد تنجح في ساحة مكتظّة يتوقّع أن تضمّ أكثر من عشرة أسماء. ويقدّم وزير التنمية الدولية روي ستيوارت نفسه على أنّه بديل من جونسون يُمكن التوافق عليه بدرجة أكبر. وقال ستيوارت لإذاعة «بي بي سي» «يبدو الآن أنّ (جونسون) يدعم بريكست بدون اتّفاق. أعتقد أنّ ذلك سيكون خطأ كبيرًا وغير ضروري. وأعتقد أنّه سيشكّل خداعًا». ولكن لم يوضح هانكوك أو ستيوارت إن كانا سيحاولان تمرير الاتفاق الحالي الذي أبرمته ماي أو أنّهما سيُحاولان الحصول على مزيد من التنازلات من بروكسل.